٨٠ سورة عبس (١ ٣)
سورة عبس مكية وآياتها اثنان وأربعون
بسم الله الرحمن الرحيم
عَبَسَ وتولى
أَن جَاءهُ الأعمى
رُويَ أنَّ ابنَ أمِّ مكتومٍ واسمُه عبدُ اللَّه بنُ شُريحِ بنِ مالكِ بنِ أبي ربيعةَ الفهريُّ وأمُّ مكتومٍ اسمُ أم أبيهِ أتَى رسولَ الله ﷺ وعندَهُ صناديدُ قريشٍ عتبةُ وشيبةُ ابنا ربيعةَ وأبُو جهل بنُ هشامٍ والعباسُ بنُ عبدِ المطلبِ وأميةُ بنُ خلفٍ والوليدُ بنُ المغيرةِ يدعُوهم إلى الإسلامِ رجاءَ أنْ يسلمَ بإسلامِهم غيرُهم فقالَ له يا رسولَ الله أقرئْنِي وعلمنِي مما علمكَ الله تعالَى وكررَ ذلكَ وهو لا يعلمُ تشاغلَهُ عليه الصلاةُ والسلامُ بالقوم فكرِه رسولُ الله ﷺ قطعه لكلامه وعبس اعرض عنه فنزلتْ فكانَ رسولُ الله ﷺ يكرمُه ويقولُ إذا رآه مرحباً بمن عاتبَني فيه ربِّي ويقولُ لهُ هل لكَ من حاجةٍ واستخلفَهُ على المدينة مرتينِ وقرىء عبَّس بالتشديدِ للمبالغةِ وأنْ جاءَهُ علةٌ لتولَّى أو عَبَس على اختلافِ الرأيينِ أيْ لأَنْ جاءَهُ الأعمى والتعرضُ لعنوانِ عماهُ إمَّا لتمهيدِ عُذرِه في الإقدامِ على قطعِ كلامِه عليه الصَّلاة والسَّلام بالقومِ والإيذانِ باستحقاقه بالرفق والرأفة وما لزيادةِ الإنكارِ كأنَّه قيلَ تولَّى لكونِه أَعْمى كما أنَّ الالتفاتَ في قولِه تعالى
وَمَا يُدْرِيكَ
لذلكَ فإنَّ المشافهةَ أدخلُ في تشديدِ العتابِ أيْ وأيُّ شيءٍ يجعلُكَ دارياً بحالِه حتى تُعرضَ عنْهُ وقولُه تعالى
لَعَلَّهُ يزكى
استئنافٌ واردٌ لبيانِ ما يلوحُ به ما قبلَه فإنه معَ إشعارِه بأنَّ له شأناً منافياً للإعراضِ عنه خارجاً عن درايةِ الغيرِ وادرائِه مؤذنٌ بأنه تعالَى يُدريه ذلكَ أي لعلَّه يتطهرُ بما يقتبسُ منكَ من أوضارِ الأوزارِ بالكليةِ وكلمةُ لعلَّ مع تحققِ التزكِّي واردةٌ على سَننِ الكِبْرِياء أو على اعتبارِ مَعْنى الترجِّي بالنسبةِ إليه عليه الصلاةُ والسلامُ للتنبيه على أن الإعراضَ عنه عند كونِه مرجوَّ التزكِّي مما لا يجوزُ فكيفَ إذا كان مقطوعاً بالتزكِّي كما في قولِك لعلَّك ستندمُ على ما فعلتَ وفيه إشارةٌ إلى أنَّ من تصدَّى لتزكيتهم من الكفرة لا يُرجى منهم التزكِّي والتذكر أصلا