٨٠ سورة عبس (٤ ١١)
وقولُه تعالى
(أَوْ يَذَّكَّرُ
عطفٌ على يزكَّى داخلٌ معه في حكم الترجِّي وقولُه تعالَى
فَتَنفَعَهُ الذكرى
بالنصب على جواب لعلَّ وقرىء بالرفع عطفا على يذكَّرُ أي أو يتذكرُ فتنفعُه موعظتُك إنْ لم يبلغْ درجةَ التزكِّي التامِّ وقيلَ الضميرُ في لعلَّه للكافر فالمَعْنى أنك طمعتَ في أنْ يتزكَّى أو يذكرَ فتقربُه الذكرَى إلى قبولِ الحقِّ ولذلكَ توليتَ عن الأَعْمى وما يُدريكَ أن ذلكَ مرجُّوُ الوقوعِ
أَمَّا مَنِ استغنى
أي عن الإيمان وعما عندك من العلومِ والمعارفِ التي ينطوي عليها القرآنُ
فَأَنتَ لَهُ تصدى
أي تتصدَّى وتتعرضُ بالإقبالِ عليهِ والاهتمامِ بإرشادِه واستصلاحِه وفيه مزيدُ تنفيرٍ له عليه الصلاةُ والسلامُ عن مصاحبتِهم فإن الإقبالَ على المُدبرِ ليسَ من شيمِ الكبارِ وقُرِىءَ تصَّدَّى بإدغامِ التَّاءِ في الصَّادِ وقُرِىءَ تُصدى بضمِّ التاءِ أيْ تُعرضُ ومعناهُ يدعوكَ إلى التصدِّي له داعٍ من الحرص والتهالكُ على إسلامِه
وما عليك ان لا يزكى
وليسَ عليكَ بأسٌ في أن لا يتزكى بالإسلام حتَّى تهتمَّ بأمره وتعرضَ عمَّن أسلمَ والجملةُ حالٌ من ضمير تصدى وقيل ما استفهامية للإنكار أيْ أيُّ شيء عليك في أن لا يتزكى ومآله النفيُ أيضاً
وَأَمَّا مَن جَاءكَ يسعى
أيْ حالَ كونِه مسرعاً طالباً لما عندكَ من أحكام الرشدِ وخصالِ الخيرِ
وَهُوَ يخشى
أي الله تعالَى وقيلَ يخشَى أذيةَ الكفارِ في إتيانِك وقيلَ يخشى الكبوةَ إذ لم يكن معهُ قائدٌ والجملةُ حال من فاعل يعسى كما أنه حالٌ من فاعل جاءك
فَأَنتَ عَنْهُ تلهى
تتشاغلُ يقالُ لَهَى عنه والتهِى وتَلهَّى وقُرِىءَ تتلهى وتلهى أي يُلهيك شأنُ الصناديدِ في تقديم ضميرِه عليه الصلاةُ والسلام على الفعلين تبيه على أنَّ مناطَ الإنكارِ خصوصيتُه عليه الصلاةُ والسلامُ أي مثلُك خصوصاً لا ينبغِي أن يتصدَّى للمستغنِي ويتلهَّى الفقيرَ الطالبَ للخيرِ وتقديمُ لَه وعنْهُ للتعريض باهتمامه عليه الصلاةُ والسلامُ بمضمونهما رُويَ أنه عليه الصلاةُ والسلامُ ما عبسَ بعذ ذلكَ في وجهِ فقيرٍ قط ولا تصدَّى لغنى
كلا


الصفحة التالية
Icon