سورة عبس (٣٥ ٤١)
أَخِيهِ
وأمِّه وَأَبِيهِ
وصاحبتِه وبنيه وإما منصوبٌ بأعِني تفسيراً للصاخَّة أو بدلٌ منها مبنيٌّ على الفتحِ بالإضافةِ إلى الفعل على رأي الكوفيين وقيلَ بدلٌ من إذَا جاءتْ كما مرَّ في قوله تعالى يوم يتذكر الخ أي يعرضُ عنُهم ولا يصاحبُهم ولا يسألُ عن حالِهم كما في الدُّنيا لاشتغالِه بحالِ نفسِه وأمَّا تعليلُ ذلكَ بعلمِه بأنهم لايغنون عنه شيئاً أو بالحذرِ من مطالبتِهم بالتبعاتِ فيأباهُ قولُه تعالى
لِكُلّ امرىء مّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ فإنَّه استئنافٌ واردٌ لبيانِ سببِ الفرارِ أي لكُلِّ واحدٍ من المذكورينَ شغلٌ شاغلٌ وخطبٌ هائلٌ يكفيِه في الاهتمامِ به وأما الفرار حذار من مطالبتِهم أو بُغضاً لهُم كَما يُروَى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهُمَا أنَّه يفرُّ قابيلُ من أخيِه هابيلَ ويفر النبي صلى النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم منْ أُمِّه ويفرُّ إبراهيمُ عليهِ السَّلامُ من أبيهِ ونوحٌ عليهِ السَّلامُ من ابنِه ولوطٌ عليهِ السَّلامُ من امرأتِه فليسَ من قبيلِ هذا الفرارِ وكَذا مَا يُروَى أنَّ الرجلَ يفرُّ من أصحابِه وأقربائِه لئلاَّ يَروَه على ما هُو عليهِ من سُوءِ الحالِ وقُرِىءَ يَعْنِيه بالياءِ المفتوحةِ والعينِ المُهملةِ أي يُهمَّهُ من عناهُ الأمرُ إذا أهمَّه أي أوقعَهُ في الهمِّ ومنْهُ منْ حُسنِ إسلامِ المرءِ تركُه مالا يعنيه لامن عناهُ إذا قصدَهُ كما قيلَ وقولُه تعالى
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ بيانٌ لما أمرِ المذكورينَ وانقسامِهم إلى السعداءِ والأشقياءِ بعد ذكرِ وقوعِهم في داهيةٍ دهياءَ فوجوهٌ مبتدأٌ وإنْ كانتْ نكرةً لكونِها في حيزِ التنويعِ ومسفرةٌ خبرُهُ ويومئذٍ متعلقٌ به أي مضيئةٌ متهللةٌ منْ أسفرَ الصبحُ إذَا أضاءَ وعن ابنِ عباس رضي الله عنهما أنَّ ذلكَ من قيامِ الليلِ وفي الحديثِ مَنْ كثر صلاته باليل حسُن وجهُه بالنهارِ وعنِ الضحَّاكِ منْ آثارِ الوضوءِ وقيلَ من طولِ ما اغبرّتْ في سبيلِ الله
ضاحكة مُّسْتَبْشِرَةٌ بما تشاهدُ من النعيم المقيمِ والبهجةِ الدائمةِ
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ أي غبارٌ وكدورةٌ
تَرْهَقُهَا أي تعلُوها وتغشاهَا
قترة أي سوادو ظلمة


الصفحة التالية
Icon