سورة التكوير (١٦ ٢٢)
الجوار الكنس لأنها تَجْري مع الشمسِ والقمرِ وترجعُ حتى تخفي تحتَ ضوءِ الشمسِ فخنُوسها رجوعُها وكنوسُها اختفاؤُها تحتَ ضوئها من كنس الوحشى إذا دخلَ كُناسَهُ وهو البيتُ الذي يتخذهُ من أغصانِ الشجرِ وقيل هي جميعُ الكواكبِ تخنِسُ بالنهار فتغيبُ عنِ العُيونِ وتكنسُ بالليل أي تطلعُ في أماكنِها كالوحشِ في كُنُسِها
والليل إِذَا عَسْعَسَ أي أدبرَ ظلامُه أو أقبلَ فإِنَّه منَ الأضَّدادِ وكذلكَ سعسعَ قالَ الفراءُ أجمعَ المفسرونَ على أنَّ معنى عسعسَ أدبر عليه قولُ العَجَّاجِ] حَتَّى إِذَا الصبح لها تَنفَّسَا وَانجَابَ عنَها ليلُها وعَسْعَسَا وقيلَ هيَ لغةُ قريشٍ خاصَّة وقيلَ مَعْنى إقبالِ ظلامِه أوفقُ لقولِه تعالى
والصبح إِذَا تَنَفَّسَ لأنَّه أولُ النهارِ وقيل إدبارُه أقربُ من تنفسِ الصبحِ ومعناهُ أنَّ الصبحَ إذَا أقبلَ يقبلُ بإقبالِه رَوحٌ ونسيمٌ فجعلَ ذلكَ نفساً لَهُ مجازاً فقيلَ تنفَّسَ الصبحُ
أَنَّهُ أي القرآنَ الكريمَ الناطق بما ذكر من الدواهي الهائلة
لقوله رسول كريم وهو جبريلُ عليهِ السَّلامُ قالَه من جهةِ الله عزَّ وجلَّ
ذِى قُوَّةٍ شديدةٍ كقولِه تعالَى شَدِيدُ القوى وقيلَ المرادُ القوةُ في أداءِ طاعةِ الله تعالَى وتركِ الإخلالِ بَها من أولِ الخلقِ إلى آخرِ زمانِ التكليفِ
عِندَ ذِى العرش مَكِينٍ ذِي مكانةٍ رفيعةٍ عندَ الله تعالى عنديةَ إكراما وتشريف لاعندية مكانٍ
مطاع فيما بينَ ملائكتِه المقربينَ يصدرُون عن أمرِه ويرجعونَ إلى رأيه
ثَمَّ أَمِينٍ على الوَحْي وثمَّ ظرفٌ لما قبَلهُ وقيلَ لما بعدَهُ وقرىء ثُمَّ تعظيماً لوصفِ الأمانِةَ وتفضيلاً لها على سائرِ الأَوْصَافِ
وَمَا صاحبكم هو رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
بِمَجْنُونٍ كما تبهتُه الكفرةُ والتعرضُ لعنوانِ المصاحبةِ للتلويحِ بإحاطتِهم بتفاصيلِ أحوالِه عليه الصلاة والسلام خبرا علمهم بنزاهتِه عليه السَّلامُ عمَّا نسبُوه إليهِ بالكليةِ وقد استُدلَّ بهِ على فضلِ جبريلَ عليِه عليهما السَّلامُ للتباين البينِ بين وصفيهما وهو ضعيفٌ إذِ المقصودُ ردُّ قولِ الكفرةِ في حقِّه عليه الصَّلاةُ والسلام إنما يعلمه بشرٌ أفترى عَلَى الله كَذِباً أم بهِ جِنَّة لا تعدادُ فضائلها والموازنة