٨٤ سورة الانشقاق (٢١ ٢٥)
للإيمانِ والسجودِ أيْ إذا كانَ حالُهم يومَ القيامةِ كما ذُكِرَ فأيُّ شيءٍ لهم حالَ كونِهم غيرَ مؤمنينَ أي أيُّ شيءٍ يمنعُهم من الإيمانِ معَ تعاضدِ موجباتِه وقولُه تعالى
واذا قرىء عليهم القرآن لاَ يَسْجُدُونَ
جملةٌ شرطيةٌ محلُّها النصبُ عَلى الحاليةِ نسقاً على ما قَبلَها أيْ فأيُّ مانعٍ لهم حالُ عدمِ سجودِهم وخضوعِهم واستكانتهم عندَ قراءةِ القُرآنِ وقيلَ قرأ النبيُّ عليه الصلاةَ والسَّلامُ ذاتَ يومٍ واسجدْ واقتربْ فسجدَ هُو ومَنْ مَعَهُ من المؤمنينَ وقريش تصفق فوق رؤسهم وتصفرْ فنزلتْ وبه احتجَّ أبو حنيفة رحمه الله تعالَى عَلى وجوبِ السجدةِ وعن ابن عباس رضي الله عنهما ليسَ في المفصلِ سجدةٌ وعن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه أنَّه سجَدَ فيها وقالَ والله ما سجدتُ إلا بعدَ أن رأيتُ النبيَّ ﷺ يسجدُ فيها وعن أنسٌ رضيَ الله عَنْهُ صليتُ خلفَ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ رضيَ الله عنهم فسجدُوا وعن الحسنِ هي غيرُ واجبةٍ
بَلِ الذين كَفَرُواْ يُكَذّبُونَ
بالقُرآنِ النَّاطقِ بما ذُكر من أحوال القيامة وأهوال مع تحققِ موجباتِ تصديقهِ ولذلكَ لا يخضعونَ عندَ تلاوتِه
والله أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ
بما يضمرونَ في قلوبِهم ويجمعونَ في صدورِهم من الكفرِ والحسدِ والبغي والبغضاءِ أو بما يجمعونَ في صحفهم من أعمال السواء ويدخرون لأنفسهم من أنواع العذابِ علماً فعلياً
فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
لأنَّ علمَهُ تعالَى بذلكَ على الوجه المذكورِ موجبٌ لتعذيبهم حتما
الا الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
استثناءٌ منقطعٌ إنْ جُعل الموصولُ عبارةً عن المؤمنينَ كافَّة ومتصلٌ إنْ أريدَ به منْ امنَ منهمُ بعدَ ذلكَ وقولُه تعالى
لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
أي غيرُ مقطوعٍ أو ممنونٍ به عليم استئنافٌ مقررٌ لما أفادَهُ الاستثناءُ من انتفاءِ العذابِ عنهم ومبينٌ لكيفيتهِ ومقارنتِه للثوابِ العظيمِ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم مَنْ قرأَ سورةَ الانشقاق أعاذَهُ الله تعالَى أنْ يعطيَهُ كتابَهُ وراءَ ظهرِه


الصفحة التالية
Icon