٨٦ سورة الطارق (١ ٤)
سورة الطارق مكية وآيها سبع عشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
والسماء والطارق
الطارقُ في الأصلِ اسمُ فاعلٍ منْ طرق طرقا وطرقا إذَا جاءَ ليلاً قالَ المَاوِرْدِيُّ وأصلُ الطرقِ الدقُّ ومنه سميتِ المطرقةُ وإنما سميَ قاصدُ الليلِ طارقاً لاحتياجِه إلى طرقِ البابِ غالباً ثم اتُّسعَ في كلِّ ما ظهرَ بالليلِ كائناً ما كانَ ثم أشبعَ في التوسعِ حتى اطلق على الصور الخالية الباديةِ بالليلِ قال طرقَ الخيالُ ولا كليلةِ مدلج سدكاً بأرجلنَا ولم يتبرجِ والمرادُ ههنا الكوكبُ البادِي بالليلِ أما عَلى أنَّه اسمُ جنسٍ أو كوكبٌ معهودٌ وقيلَ الطارقُ النجمُ الذي يقالُ له كوكبُ الصبحِ وقولُه تعالى
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطارق
تنويهٌ بشأنِه إثرَ تفخيمِه بالإقسامِ به وتنبيهٌ على أنَّ رفعةَ قدرِه بحيثُ لا ينالُها إدراكُ الخلقِ فلا بُدَّ من تلقِّيها من الخلاَّقِ العليمِ فما الأُولى مبتدأٌ وأدراكَ خبرٌ والثانيةُ خبرٌ والطارقُ مبتدأٌ حسبما بينَ في نظائرِه أي وأي شيء أعلمك ما الطارقُ وقولُه تعالى
النجم الثاقب
خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ والجملةُ استئنافٌ وقعَ جواباً عن استفهامٍ نشأَ مما قبله كأنه قيل ما هو فقيلَ النجمُ المضيءُ في الغايةِ كأنَّه يثقبُ الظلامُ أو الأفلاكُ بضوئِه وينفذُ فيَها والمرادُ بهِ إما الجنسُ فإنَّ لكلِّ كوكبٍ ضوءاً ثاقباً لا محالةَ وإما كوكبٌ معهودٌ قيلَ هو زُحَلُ وقيلَ هو الثُّريَّا وقيلَ هو الجَديُ وقيل النجمُ الثاقبُ نجمٌ في السماءِ السابعةِ لا يسكُنها غيرُه فإذا أخذتِ النجومُ أمكنتَها من السماءِ هبط فكانَ معها ثم يرجعُ إلى مكانِه من السماءِ السابعةِ وهو زُحل فهو طارقٌ حينَ ينزلُ وحينَ يصعدُ وفي إيرادِه عندَ الإقسامِ به بوصفٍ مشتركٍ بينه وبين غيرِه ثم الإشارةِ إلى أنَّ ذلكَ الوصفَ غير كنِه أمرِه وأن ذلكَ مما لا تبلغه أفكارُ الخلائقِ ثم تفسيرِه بالنجمِ الثاقبِ من تفخيمِ شأنه وإجلال محله ما لا يخفى وقوله تعالى
﴿إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ جوابٌ للقسمِ وما بينهما اعتراضٌ جيءَ به لما