٨٨ سورة الغاشية (٩ ١٧)
في تهويلِ الغاشيةِ وتفخيمِ حديثِها ولأنَّ حكايةَ حسنِ حالِ أهلِ الجنةِ بعدَ حكايةِ سُوءِ حالِ أهلِ النارِ مما يزيدُ المحكيَّ حُسناً وبهجةً والكلامُ في إعرابِ الجملةِ كالذي مرَّ في نظيرتِها وإنما لم تُعطفْ عليها إيذاناً بكمالِ تباينِ مضمونَيهِما ومعنى ناعمةٌ ذاتُ بهجةٍ وحسنٍ كقولِه تعالى ﴿تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم﴾ أو متنعمةٌ
لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ
أي لعملها الذي عملتْهُ في الدُّنيا حيثُ شاهدتْ ثمرتَهُ
فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ
مرتفعةِ المحلِّ أو عليةِ المقدارِ
لاَ تُسْمِعُ
أي أنتَ أو الوجوهُ
فِيهَا لاغية
لغواً أو كلمةً ذاتَ لغوٍ أو نفساً تلغُو فإنَّ كلامَ أهلِ الجنةِ كلَّه أذكارٌ وحكمٌ وقُرِىءَ لا تُسمعُ على البناءِ للمفعول بالياءِ والتاءِ ورفعِ لاغيةً
فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ
أيْ عيونٌ كثيرةٌ تجرِي مياهُها كقولِه تعالَى عَلِمَتْ نَفْسٌ
فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ
رفيعةُ السمكِ أو المقدارِ
وَأَكْوابٍ
جمعُ كوبٍ وهو إناءٌ لا عُروةَ لهُ
مَّوْضُوعَةٌ
أي بينَ أيديهِم
وَنَمَارِقُ
وسائدُ جمعُ نمرقة بالفتحِ والضمِّ
مَصْفُوفَةٌ
بعضُها إلى بعضٍ
وَزَرَابِيُّ
أي بسطٌ فاخرةٌ جمعُ زُرْبيَّةٌ
مَبْثُوثَةٌ أيْ مبسوطةٌ
أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإبل كَيْفَ خُلِقَتْ
استئنافٌ مَسوقٌ لتقريرِ ما فصلَ من حديثِ الغاشيةِ وما هو مبنيٌّ عليهِ من البعثِ الذى هم فيه مختلفون بالاستشهادِ عليهِ بما لا يستطيعونَ إنكارَهُ والهمزةُ للإنكارِ والتوبيخِ والفاءُ للعطفِ على مقدرٍ يقتضيهِ المقامُ وكلمة كيف منصوبة بما يعدها كما في قوله تعالى كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله معلقةٌ لفعلِ النظرِ والجملةُ في حيِّز الجرِّ على أنَّها بدلُ اشتمالٍ من الإبلِ أي أينكرونَ ما ذُكِرَ من البعثِ وأحكامِه ويستبعدونَ وقوعَهُ من قدرةِ الله عزَّ وجلَّ فلا ينظرونَ إلى الإبلِ التي هي نصب أعينهم يتسعملونها كلَّ حينٍ إلى أنَّها كيف