٩٢ سورة الليل (٩ ١٦)
واستغنى
أي زهدَ فيما عنده تعالَى كأنَّه مستغنٍ عنْهُ فلم يتَّقِهِ أو استغنى بشهواتِ الدُّنيا عن نعيمِ الآخرةِ
وَكَذَّبَ بالحسنى
أي ما ذكرَ من المعانِي المتلازمِة
فَسَنُيَسّرُهُ للعسرى
أي للخصلةِ المؤديةِ إلى العسرِ والشدةِ كدخولِ النارِ ومقدماتِه لاختيارِه لَها ولعلَّ تصديرَ القسمينِ بالإعطاءِ والبخلِ مع أنَّ كلاً منهما أدْنى رتبةً مما بعدهُما في استتباعِ التيسير لليسرى والتيسير للعسرى للإيذانِ بأنَّ كلاً منهما أصل فيما ذكر لاتتمة لما بعدهُما من التصديقِ والتَّقوى والتكذيبِ والاستغناءِ وتفسيرُ الأولِ بإعطاءِ الطاعةِ والثاني بالبخل بما امر به مع كونِه خلافَ الظاهرِ يأباهُ قولُه تعالَى
وَمَا يُغْنِى عَنْهُ
أيْ ولا يُغنِي أو أيُّ شيءٍ يُغني عنْهُ
مَالَهُ
الذي يبخلُ به
إِذَا تردى
أي هلكَ تفعَّلَ من الرَّدَى الذي هو الهلاكُ أو تردَّى في الحفرةِ إذا قُبرَ أو تردَّى في قعرِ جهنمَ
إِنَّ عَلَيْنَا للهدى
استئنافٌ مقررٌ لمَا قبلَهُ أيْ إنَّ علينا بموجبِ قضائِنا المبنيِّ على الحِكَم البالغةِ حيث خلقنَا الخلقَ للعبادةِ أن نبينَ لهم طريقَ الهُدى وما يؤدِّي إليهِ من طريقِ الضلالِ وما يؤدِّي إليه وقد فعلنَا ذلكَ بما لا مزيدَ عليهِ حيثُ بيَّنا حالَ من سلكَ كلا الطريقينِ ترغيبا وترهيبا ومن ههنا تبينَ أنَّ الهدايةَ هي الدِلالة على ما يوصِل إلى البغيةِ لا الدلالةُ الموصلةُ إليها قطعاً
وَإِنَّ لَنَا لَلأَخِرَةَ والأولى
أي التصرف الكلي فيهما كيفما نشاءُ فنفعلُ فيهما ما نشاءُ من الأفعالِ التي من جملتها ما وعدنَا من التيسيرِ لليُسرى والتيسيرِ للعُسرى وقيلَ إن لنا كلَّ ما في الدُّنيا والآخرةِ فلا يضرنا تركُكُم الاهتداءَ بهدانَا
فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تلظى
بحذفِ إحْدى التاءينِ من تتلظَّى أي تتلهبُ وقِرِىءَ على الأصلِ
لا يصلاها
صليا لازما
إِلاَّ الأشقى
إلا الكافرُ فإنَّ الفاسقَ لا يصلاهَا صلياً لازماً وقد صرَّحَ به قولُه تعالى
الذى كَذَّبَ وتولى
أي كذَّبَ بالحقِّ وأعرضَ عن الطاعة


الصفحة التالية
Icon