٩٨ سورة البينة آية (٨)
﴿جَزَآؤُهُمْ﴾ بمقابلةِ ما لهُم من الإيمانِ والطاعةِ ﴿عِندَ رَبّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾ إن أُريد بالجنَّاتِ الأشجارُ الملتفةُ الأغصانِ كمَا هو الظاهرُ فجريانُ الأنهارِ من تحتها ظاهرٌ وإنْ أُريد بها مجموعُ الأرضِ ومَا عليها فهُو باعتبارِ الجزءِ الظاهرِ وأيا ما كان فالمرادُ جريانُها بغيرِ أخدودٍ ﴿خالدين فيها أبدا﴾ متنعمين بفنونِ النعمِ الجُسمانيةِ والروحانيةِ وفي تقديمِ مدحِهم بخيرية وذكرِ الجزاءِ المؤذنِ بكونِ ما مُنحوهُ في مقابلةِ ما وُصفوا بهِ وبيان كونُه من عندِه تعالَى والتعّرضُ لعنوان الربوبيةِ المنبئة عن التَّربيةِ والتبليغِ إلى الكمال مع الإضافة إلى ضميرِهم وجمعِ الجنَّاتِ وتقييدِها بالإضافةِ وبما يزيدُها نعيماً وتأكيد الخلودِ بالأبودِ من الدلالةِ على غايةِ حُسنِ حالِهم مالا يَخْفى ﴿رَّضِىَ الله عَنْهُمْ﴾ استئنافٌ مبينٌ لما يتفضلُ عليهم زيادةً على ما ذُكرَ من أجزيةِ أعمالِهم ﴿وَرَضُواْ عَنْهُ﴾ حيثُ بلغُوا من المطالبِ قاصيتَها وملكُوا من المآربِ ناصيتَها وأُتيحَ لهم مالا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلبِ بشرٍ ﴿ذلك﴾ أيْ ما ذكرمن الجزاءِ والرضوانِ ﴿لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ﴾ فإنَّ الخشيةَ التي هيَ من خصائصِ العلماءِ بشؤون الله عز وجل مناطٌ لجميعِ الكمالاتِ العلميةِ والعمليةِ المستتبعةِ للسعادةِ الدينيةِ والدنيويةِ والتعرضُ لعُنوانِ الرُّبوبيةِ المُعربةِ عن المالكيةِ والتربيةِ للإشعارِ بعلَّةِ الخشيةِ والتحذيرِ من الاغترارِ بالتربيةِ
عنِ النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم مَنْ قرأَ سورةَ البينة لم يكن كانَ يومَ القيامةِ مع خيرِ البريةِ مساءً ومَقيلاً


الصفحة التالية
Icon