} ٠٩ سورة الكافرون آية (٥)
ليوافق ما عبدتمم لأنَّهم كانُوا موسومينَ قبلَ البعثةِ بعبادةِ الأصنامِ وهُوَ عليهِ السلامُ لم يكُنْ حينئذٍ موسوماً بعبادةِ الله تعَالَى وإيثارُ مَا في أعبدُ على مَنْ لأنَّ المرادَ هُوَ الوصفُ كأنَّه قيلَ مَا أعبدُ مِنَ المعبودِ العظيمِ الشأنِ الذي لا يُقادَرُ قدرُ عظمتِهِ وقيلَ إنَّ مَا مصدريةٌ أي لا أعبد عبادتَكُم ولا تعبدونَ عبادَتِي وقيلَ الأوليانِ بمَعْنى الذي والأخريانِ مصدريتانِ وقيلَ قولُه تعالَى ﴿وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ﴾ تأكيدٌ لقولِه تعَالَى ﴿لاَ أَعْبُدُ مَا تعبدون﴾ وقوله تعالى ﴿وَلاَ أَنتُمْ عابدون مَا أَعْبُدُ﴾ ثانياً تأكيدٌ لمثلِه المذكورِ أولاً
وقولُه تعالَى
﴿لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ تقريرٌ لقولِه تعَالَى لاَ أَعْبُدُ مَا تعبدون وقوله تعالى ولا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ كما أن قوله تعالى ﴿وَلِىَ دِينِ﴾ تقريرٌ لقولِه تعالَى ﴿وَلاَ أَنتُمْ عابدون مَا أَعْبُدُ﴾ والمَعْنى أنَّ دينَكُم الذي هُوَ الإشراكُ مقصورٌ على الحصولِ لكُم لا يتجاوزه إلى الحصول لِي أيضاً كما تطمعونَ فيهِ فلاَ تعلقُوا بهِ أمانيَّكُم الفارغةَ فإنَّ ذلكَ المُحالاتِ وأنَّ دينيَ الذي هُوَ التوحيدُ مقصورٌ على الحصولِ لي لا يتجاوزُه إلى الحصولِ لكُم أيضاً لأنَّكم علقتمُوه بالمحالِ الذي هُوَ عبادتِي لآلهتِكم أو استلامِي إيَّاها ولأنَّ ما وعدتمُوه عينُ الإشراكِ وحيثُ كانَ مَبْنى قولِهم تعبدُ آلهتَنَا سنةً ونعبدُ إلهك سنةً على شركةِ الفريقينِ في كلتا العبادتينِ كان القصرُ المستفادُ من تقديمِ المسندِ قصرُ إفرادٍ حتماً ويجوز أن يكون هذا تقريراً لقولِه تعالَى ﴿وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ﴾ أيْ ولِي دِيني لا دينُكم كمَا هُوَ في قولِه تعَالَى ﴿وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُم﴾ وقيلَ المَعْنى إنِّي نبيٌّ مبعوثٌ إليكُم لأدعوَكُم إلى الحقِّ والنجاةِ فإذَا لم تقبلُوا مِنِّي ولَمْ تتبعونِي فدعونِي كَفافاً ولا تدعونِي إلى الشركِ فتأملْ عنِ النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم مَنْ قرأَ من سورةَ الكافرونَ فكأنَّما قرأَ ربعَ القرآنِ وتباعدتْ عنْهُ مَرَدةُ الشَّياطينِ وبرىءَ مِنَ الشركِ وتعافَى مِنَ الفزعِ الأكبر