} ١٢ سورة الإخلاص مكية مختلف فيها وآيها أربع
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ الضميرُ للشأنِ ومدارُ وضعِهِ موضعه معَ عدمِ سبْق ذكرِه الإيذانُ بأنَّه منَ الشهرةِ والنباهةِ بحيثُ يستحضرُهُ كلُّ أحدٍ وإليهِ يشيرُ كُلُّ مشيرٍ وإليهِ يعودُ كلُّ ضميرٍ كما ينبىءُ عَنْهُ اسمُهُ الذي أصلُهُ القصدُ أطلق على المفعول مبالغة ومحله الرفع على الابتداء خبرُهُ الجملةُ بعدَهُ ولا حاجةَ إلى الربطِ لأَنَّها عينُ الشأنِ الذي عبرَ عَنْهُ بالضميرِ والسرُّ في تصديرِ الجملةِ بهِ التنبيهُ منْ أولِ الأمرِ عَلى فخامةِ مضمونِهَا وجلالةِ حيزِهَا مع ما فيه من زيادةِ تحقيقٍ وتقريرٍ فإنَّ الضميرَ لا يفهم منه من أولِ الأمرِ إلا شأنٌ مبهمٌ لهُ خطرٌ جليلٌ فيبقى الذهنُ مترقِّباً لما أمامَهُ مما يفسرُهُ ويزيلُ إبهامَهُ فيتمكنُ عندَ ورودِه لَهُ فضلُ تمكنٍ وهمزةُ أحدٍ مُبدلةٌ منْ الواوِ وأصلُهُ وَحَدٌ لاَ كهمزةِ ما يلازمُ النفيَ ويرادُ بهِ العمومَ كمَا في قوله تعالى ﴿فَمَا مِنكُم مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجزين﴾ ومَا في قولِهِ عليهِ السلامُ ما أُحِلَّتِ الغنائمُ لأحدٍ سودِ الرؤوسِ غيركم فإن أصليةٌ وقالَ مكيٌّ أصلُ أحدٍ واحدٌ فأبدلتْ الواوُ همزةً فاجتمعَ ألفانِ لأنَّ الهمزةَ تشبهُ الألفَ فحذفتْ إحداهُمَا تخفيفاً وقالَ ثعلبٌ إن أحد إلا يُبنى عليهِ العددُ ابتداءً فلا يقالُ أحدٌ واثنانِ كَما يقالُ واحدٌ واثنانِ ولا يقالُ رجلٌ أحدٌ كما يقالُ رجلٌ واحدٌ ولذلكَ اختصَّ بهِ تعالَى أو هو كما سئِلَ عَنْهُ أيِ الذي سألتُم عنْهُ هُو الله إذ رُوِيَ أنَّ قريشاً قالُوا صِفْ لَنَا ربكَ الذي تدعونَا إليهِ وانسُبْهُ فنزلتْ فالضميرُ مبتدأٌ والله خبرُهُ وأحدٌ بدلٌ منْهُ أو خبرٌ ثانٍ أو خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ وقُرِىءَ هُوَ الله أحدٌ بغيرِ قُلْ وقرئ الله أحدٌ بغيرِ قُلْ هو وقرئ قُلْ هُوَ الواحدُ وقولُهُ تعالَى
﴿الله الصمد﴾ مبتدأٌ وخبر والصمدُ فَعَلٌ بمَعْنَى مفعولٍ من صمد إليهِ إذَا قَصَدَهُ أيْ هُوَ السيدُ المصمودُ إليهِ في الحوائجِ المُسْتغنى بذاتِهِ وَكُلَّ ما عداهُ محتاجٌ إليهِ في جميعِ جهاتِهِ وقيلَ الصمدُ الدائمُ الباقِي الذي لَمْ يزلْ وَلاَ يزالُ وقيلَ الذي يفعلُ ما يشاء ويحكُم ما يريدُ وتعريفُهُ لعلمِهِم بصمديتِهِ بخلافِ أحديَتِهِ وتكريرُ الإسمِ الجليلِ للإشعارِ بأنَّ منْ لم يتصفْ بذلكَ فهوَ بمعزلٍ منَ استحقاقِ الألوهيةِ وتعريةُ الجملةِ عنِ العاطفِ لأنَّها كالنتيجةِ للأولى بيَّنَ أولا ألوهيته عن