أي قامتِ القيامةُ
﴿وانشقت السماء﴾ لنزولِ الملائكةِ ﴿فَهِىَ﴾ أي السماءُ ﴿يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ﴾ ضعيفة مسترخية بعد ما كانَتْ محكمةً
﴿والملك﴾ أي الخلقُ المعروفُ بالملكِ ﴿على أَرْجَائِهَا﴾ أي جوانِبِهَا جمعُ رَجَا بالقصرِ أي تنشقُّ السماءُ التي هيَ مساكنُهُم فيلجأونَ إلى أكنافِهَا وحافاتِهَا ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبّكَ فَوْقَهُمْ﴾ فوقَ الملائكةِ الذين هم الأرجاءِ أو فوقَ الثمانيةِ ﴿يَوْمَئِذٍ ثمانية﴾ من الملائكةِ عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم هُم اليومَ أربعةٌ فإذا كانَ يومُ القيامةِ أيدهُم الله تعالَى بأربعةٍ آخرينَ فيكونونَ ثمانيةً ورُوِيَ ثمانيةُ أملاكٍ أرجلهُم في تخومِ الأرضِ السابعةِ والعرشُ فوقَ رؤسهم وهم مُطرقونَ مسبحونَ وقيل بعضُهُم على صورةِ الإنسانِ وبعضهم على صورة الأسد وبعضُهُم على صورةِ الثورِ وبعضُهُم على صورةِ النسرِ ورُويَ ثمانيةُ أملاكٍ في خَلقْ الأوعالِ ما بينَ أظلافِهَا إلى رُكبِهَا مسيرةُ سبعينَ عاماً وعن شَهْرِ بنِ حَوشبٍ أربعةٌ منهُم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لكَ الحمدُ على عفوِكَ بعد قدرَتِكَ وأربعة يقولونَ سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمدُ على حلمِك بعد علمِك وعنِ الحسنِ الله أعلمُ أثمانيةٌ أم ثمانيةُ آلافٍ وعن الضحَّاكِ ثمانيةُ صفوفٍ لا يعلمُ عددَهم إلا الله تعالَى ويجوزُ أنْ يكونَ الثمانيةُ من الروحِ أو من خلقٍ آخرَ وقيلَ هو تمثيلٌ لعظمتِهِ تعالَى بما يشاهدُ من أحوالِ السلاطينِ يومَ خروجِهِم على الناسِ للقضاءِ العامِ لكونِهَا أَقْصَى ما يتصورُ من العظمةِ والجلالِ والا فشؤنه سبحانَهُ أجلُّ من كلَّ ما يحيطُ بهِ فَلَكُ العبارةِ والإشارةِ
﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ﴾ أي تُسألونَ وتُحاسبونَ عبِّر عنهُ بذلكَ تشبيهاً لهُ بعرضِ السلطانِ العسكرَ لتعرّفِ أحوالِهِم رُوِيَ أنَّ في يومِ القيامةِ ثلاثَ عرضاتٍ فأما عرضتانِ فاعتذارٌ واحتجاجٌ وتوبيخٌ وأما الثالثةُ ففيها تنشرُ الكتبُ فيأخذُ الفائزُ كتابَهُ بيمينِهِ والهالكُ بشمالِهِ وهذا وإنْ كانَ بعدَ النفخةِ الثانيةِ لكنْ لما كانَ اليومُ إسماً لزمانٍ متسعٍ يقعُ فيهِ النفختانِ والصعقةُ والنشورُ والحسابُ وإدخالُ أهلِ الجنةَ وأهلُ النَّارِ النارَ صحَّ جعلُهُ ظرفاً للكُلِّ ﴿لاَ تخفى مِنكُمْ خَافِيَةٌ﴾ حالٌ من مرفوعِ تُعرضونَ أي تُعرضونَ غيرَ خافٍ عليهِ تعالَى سرٌّ من أسرارِكُم قبلَ ذلكَ أيضاً وإنَّما العرض لافشاء الحال والمبالغ في العدلِ أو غيرِ خافٍ يومئذٍ على الناسِ كقولِهِ تعالَى يَوْمَ تبلى السرائر وقُرِىءَ يَخْفى بالياءِ التحتانيةِ
﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كتابه بِيَمِينِهِ﴾ تفصيلٌ لأحكامِ العرضِ ﴿فَيَقُولُ﴾ تبجّحاً وابتهاجاً ﴿هَاؤُمُ اقرؤوا كتابيه﴾ هَا اسمٌ لخُذْ وفيهِ ثلاثُ لُغاتٍ أجودُهُنَّ هاءِ يا رجلُ وهاءِ يا أمرأة وهاؤما يا رجلانِ أو امرأتانِ وهاؤُونَ يا رجالُ وهاؤُنَّ يا نسوةُ ومفعولُهُ محذوفٌ وكتابيه مفعول اقرؤا لأنه اقرب العالمين ولأنه


الصفحة التالية
Icon