سورة الإنسان آية (١٥ ٢١)
ويطاف عليهم بآنية مّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ الكوبُ الكوز العظيم لا أُذنَ له ولاَ عروة
كانت قواريرا
قوارير مِن فِضَّةٍ أي تكونتْ جامعةً بين صفاءِ الزجاجةِ وشغيفها ولينِ الفِضَّةِ وبياضِها والجملةُ صفة الأكواب وقرئ بتنوينِ قواريرَ الثانِي أيضاً وقرئا بغير تنوين وقرئ الثَّانِي بالرَّفعِ على هيَ قواريرُ
قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً صفةٌ لقواريرَ ومعنى تقديرِهم لها أنَّهم قدَّروها في أنفسِهم وأرادُوا أنْ تكونَ على مقاديرَ وأشكالٍ معينةٍ موافقةً لشهواتهم فجاءتْ حسبمَا قدَّرُوها أو قدَّرُوها بأعمالِهم الصالحةِ فجاءتْ على حسبِها وقيلَ الضميرُ للطائفينَ بهَا المدلولِ عليهم بقولِه تعالى وَيُطَافُ عليهم فالمعنى قدروا اشرابها على قدر اشتهائهم وقرئ قُدِّرُوها على البناءِ للمفعولِ أي جُعلوا قادرينَ لها كما شاؤا من قَدَر منقولاً من قدرت الشئ
وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً أي ما يشبِهُ الزنجبيلَ في الطعمِ وكان الشرابُ الممزوجُ به أطيبَ ما تستطيبُه العربُ وألذَّ ما تستلذُّ به
عَيْناً بدلٌ من زنجبيلاً وقيلَ تمزجُ كأسُهم بالزنجبيلِ بعينِه أو يخلقُ الله تعالى طعم فيها فعيناً حينئذٍ بدلٌ من كأساً كأنَّه قيلَ ويُسقَون فيها كأساً كأسَ عين أو نُصب على الاختصاص
فِيهَا تسمى سَلْسَبِيلاً لسلاسة انحدارِها في الحَلْقِ وسهولةِ مساغِها يقالُ شرابٌ سلسلٌ وسلسالٌ وسلسبيلٌ ولذلكَ حُكمَ بزيادةِ الباءِ والمرادُ بيانُ أنَّها في طعم الزنجبيلِ وليسَ فيها لذعةٌ بل نقيضُ اللذعِ هو السلاسةُ
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ ولدان مُّخَلَّدُونَ أى دائمون على ماهم عليه من الطراوةِ والبهاءِ
إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً لحُسنِهم وصفاءِ ألوانِهم وإشراق وجوههم وانبثالثهم في مجالسهم ومنازلِهم وانعكاسِ أشعةِ بعضِهم إلى بعضٍ
وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ ليسَ له مفعولٌ ملفوظٌ ولا مقدرٌ ولا منويٌّ بل معناهُ أنَّ بصرَكَ أينمَا وقعَ في الجنةِ
رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً أي هنيئاً واسعاً وفي الحديثِ أدنى أهل الجنة منزلة ينظُر في مُلكِه مسيرةَ ألف عام يرى وأقصاه كمِا يَرى أدناهُ وقيلَ لا زوال وقيلَ إذَا أرادُوا شيئاً كانَ وقيلَ يُسلمُ عليهم الملائكةُ ويستأذنونَ عليهم
عاليهم ثياب