سورة الإنسان (٢٦ ٣١)
ومن الليل فاسجد لَهُ
وبعضَ الليلَ فصلِّ له ولعلَّه صلاةُ المغربِ والعشاءِ وتقديمُ الظرفِ لما في صلاةِ الليلِ من مزيد كلفةٍ وخلوصٍ
وَسَبّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً
وتهجدْ له قِطَعاً من الليلِ طويلاً
إِنَّ هَؤُلآء
الكفرةَ
يُحِبُّونَ العالجة
وينهمكنون في لذاتِها الفانيةِ
وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ
أي أمامَهم لا يستعدونَ أو ينبذون وراءَ ظُهورهم
يَوْماً ثَقِيلاً
لا يعبأونَ به ووصفُه بالثقل لتشبيه شدتِه وهولِه بثقل شيءٍ فادحٍ باهظٍ لحامله بطريقِ الاستعارةِ وهو كالتعليل لما أُمِرَ به ونُهيَ عنه
نَّحْنُ خلقناهم
لا غيرُنا
وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ
أي أحكمنَا ربطَ مفاصلِهم بالأعصابِ
وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أمثالهم
بعدَ إهلاكِهم
تَبْدِيلاً
بديعاً لا ريب فيهِ هو البعثُ كما ينبىء عنه كلمةُ إذَا أو بدَّلنا غيرَهُم ممن يطيعُ كقولِه تعالى يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ واذ للدلالةِ على تحققِ القُدرةِ وقوةِ الداعيةِ
إِنَّ هذه تَذْكِرَةٌ
إشارةٌ إلى السورةِ أو الآياتِ القريبةِ
فَمَن شَاء اتخذ إلى رَبّهِ سَبِيلاً
أي فمن شاء أن يتخذ إليهِ تعالى سبيلاً أي وسيلةً توصلُه إلى ثوابِه اتخذَهُ أي تقربَ إليهِ بالعمل بمَا في تضاعيفِها وقولُه تعالى
وما تشاؤن إلا أن يشاء الله
تحقيقٌ للحقِّ ببيان أنَّ مجردَ مشيئتِهم غيرُ كافيةٍ في اتخاذ السبيلِ كما هو المفهومُ من ظاهر الشرطية اي وما تشاؤن اتخاذَ السبيلِ ولا تقدرونَ على تحصيله في وقتٍ من الأوقاتِ إلا وقتَ مشيئتِه تعالى تحصيلَه لكُم إذ لا دخلَ لمشيئة العبدِ إلا في الكسبِ وإنَّما التأثيرُ والخلقُ لمشيئة الله عزَّ وجلَّ وقُرىء يشاؤن بالياءِ وقُرىءَ إلاَّ ما يشاءُ الله وقولُه تعالَى
إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
بيانٌ لكون مشيئتِه تعالى مبنيةً على أساس العلمِ والحكمةِ والمَعْنى أنَّه تعالَى مبالِغٌ في العلمِ والحكمةِ فيعلمُ ما يستأهلُه كلُّ أحدٍ فلا يشاءُ لهم إلا ما يستدعيهِ علمُه وتقتضيِه حكمتُه وقولُه تعالى
يدخل من يشاء فى رَحْمَتِهِ
بيانٌ لأحكام مشيئتِه المترتبةِ على علمه وحكمتِه أي يُدخلُ في رحمتِه مَن يشاءُ أنْ يدخلَهُ فيها وهُو الذي يصرِفُ مشيئتَهُ نحوَ اتخاذِ السبيلِ إليهِ تعالى حيثُ يوفقُه لَما يَؤدِّي إلى دخول الجنةِ من الإيمانِ والطاعةِ
والظالمين
وهم الذينَ صَرفوا مشيئَتُهم إلى خلافِ ما ذُكِرَ
أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
أي متناهياً في الإيلامِ قالَ الزجاجُ نصبَ الظالمينَ لأنَّ ما قبلَهُ منصوبٌ أي يُدخلُ من يشاءُ في رحمته ويعذبُ الظالمينَ ويكونُ أعدَّ لَهُم تفسيراً لهَذا المضمرِ وقُرِىءَ بالرفع على


الصفحة التالية
Icon