٧٩ سورة النبأ (٣٧ ٣٨)
رب السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا بدلٌ من ربِّك وقولُه تعالَى
الرحمن صفةٌ له وقيلَ صفةٌ للأولِ وأيا ما كان ففي ذكرِ ربوبيتِه تعالى للكلِّ ورحمتِه الواسعةِ إشعارٌ بمدارِ الجزاءِ المذكورِ وقوله تعالى
لايملكون مِنْهُ خِطَاباً استئنافٌ مقررٌ لما أفادَهُ الربوبيةُ العامةُ من غايةِ العظمةِ والكبرياءِ وإستقلاله تعالى بما ذُكر من الجزاءِ والعطاءِ من غير أن يكون لأحدٍ قدرةٌ عليهِ وقُرِىءَ برفعِهما فقيلَ على أنَّهما خبرانِ لمبتدأٍ مضمرٍ وقيلَ الثَّانِي نعتٌ للأولِ وقيلَ الأَولُ مبتدأٌ والثاني خبرُهُ ولا يملكونَ خبرٌ آخرُ أو هو الخبرُ والرحمنُ صفةٌ للأولِ وقيلَ لا يملكونَ حالٌ لازمةٌ وقيلَ الأولُ مبتدأٌ والرحمنُ مبتدأٌ ثان ولايملكون خبرُه والجملةُ خبرٌ للأولِ وحصلَ الربطَ بتكريرِ المبتدأِ بمعناهُ على رأي مَنْ يقولُ بهِ والأوجهُ أنْ يكونَ كلاهُما مرفوعاً على المدحِ أو يكونَ الثانِي نعتاً للأولِ ولا يملكونَ استئنافاً على حالِه ففيهِ ما ذُكر من الإشعارِ بمدار الجزاء والعطاءِ كما في البدليةِ لما أنَّ المرفوعَ أو المنصوبَ مدحاً تابعٌ لما قبله معنى إن كان مَنقطعاً عنه إعراباً كما فُصِّل في قولِه تعالى الذين يؤمنون بالغيب من سورةِ البقرةِ وقُرىء بجرِّ الأَولِ على البدليةِ ورفعِ الثانِي على الابتداءِ والخبرُ ما بعدَهُ أو على أنَّه خبرٌ لمبتدأ مضمرٍ وما بعدَهُ استئنافٌ أو خبرٌ ثانٍ أو حالٌ وضميرُ لا يملكونَ لأهلِ السمواتِ والأرضِ أي لا يملكون أنْ يخاطبُوه تعالَى من تلقاءِ أنفسِهم كما ينبىءُ عنه لفظُ الملكِ خطاباً مَا في شيءٍ مَا والمرادُ نفيُ قدرتِهم على أنْ يخاطبُوه تعالَى بشيءٍ من نقص العذابِ أو زيادةِ الثوابِ من غيرِ إذنِه على أبلغِ وجهٍ وآكدِه وقيلَ ليسَ في أيديهم ممَّا يخاطب الله به يأمر به في أمرِ الثوابِ والعقابُ خطابٌ واحدٌ يتصرفونَ فيه تصرفَ الملاَّكِ فيزيدونَ فيهِ أو ينقصونَ منْهُ
يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً قيلَ الروحُ خلقٌ أعظمُ من الملائكةِ وأشرفُ منهم وأقربُ من ربِّ العالمين وقيل هم مَلكٌ ما خلقِ الله عزَّ وجلَّ بعدَ العرشِ خلقاً أعظمَ منْهُ عنِ ابن عباس رضي الله عنهُمَا أنَّه إذا كانَ يومُ القيامةِ قامَ هو وحدَهُ صَفّاً والملائكةُ كلُّهم صفاً وعنْهُ عنِ النبيِّ ﷺ أنه قالَ الروحُ جندٌ من جنودِ الله تعالى ليسوا ملائكة لهم رؤس وأيدٍ وأرجلٌ يأكلونَ الطعامَ ثُمَّ قرأَ يومَ يقومُ الروحُ الآيةَ وهذَا قولُ أبي صالحٍ ومجاهدٍ قالُوا ما ينزلُ من السماءِ ملكٌ إلا ومعه واحدٌ منُهم نقلَهُ البغويُّ وقيل هم أشرافُ الملائكةُ وقيلَ هم حفظة على الملائكة وقيلَ جبريلُ عليهِ السَّلامُ وصفَّا حالٌ أي مصطفينَ قيلَ هما صفَّانِ الروحُ صفٌّ واحدٌ أو متعددٌ والملائكةُ صفٌّ وقيلَ صفوفٌ وهو الأفق لقولِه تعالى والملك صَفّاً صَفّاً وقيلَ يقومُ الكُلُّ صفّاً وَاحِداً ويومَ ظرفٌ لقولِه تعالى
لاَّ يَتَكَلَّمُونَ وقوله تعالى
إِلاَّ مِن أَذِنَ لَهُ الرحمن وَقَالَ صَوَاباً بدلٌ من ضميرِ لا يتكلمونَ العائدِ إلى أهلِ السمواتِ والأرضِ الذينَ من جُملتهم الروحُ والملائكةُ وذكرُ قيامِهم واصطفافِهم لتحقيق عظمةِ سلطانِه وكبرياءِ ربوبيتِه وتهويلِ يومِ البعثِ الذي عليهِ مدارُ الكلامِ من


الصفحة التالية
Icon