٧٩ سورة النازعات (١٦ ٢٠)
من كانَ أَقْوى منهُم وأعظمَ ومَعْنى هلْ أتاكَ إنِ اعتُبرَ هذا أولَ ما أتاهُ عليه الصلاةُ والسلامُ من حديثِه عليه السلامُ ترغيبٌ له عليه الصلاةُ والسلامُ في استماعِ حديثِه كأنَّه قيلَ هل أتاكَ حديثُه أنَا أُخبرَك بهِ وإنِ اعتُبرَ إتيانُه قبل هذا وهُو المتبادرُ من الإيجازِ في الاقتصاصِ حملَهُ عليه الصلاة والسلام على أنْ يقرَّ بأمرٍ يعرفُه قبلَ ذلكَ كأنَّه قيلَ أليس قد أتاكَ حديثُه وقولُه تعالَى
إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بالواد المقدس
ظرفٌ للحديثِ لا للإتيانِ لاختلافِ وَقْتَيهِما
طُوًى
بضمِّ الطاءِ غيرُ منونٍ وقُرِىءَ منوناً وقُرِىءَ بالكسرِ منوناً وغيرَ منونٍ فمَنْ نونَّهُ أوَّلهُ بالمكانِ دونَ البقعة وقيل هو كشنى مصدرٌ لنَادَى أو المقدسِ أيْ ناداهُ ندائينِ أو المقدسِ مرةً بعدَ أُخْرى
اذهب إلى فِرْعَوْنَ
على إرادةِ القولِ وقيلَ هو تفسيرٌ للنداءِ أي ناداهُ إذهبْ وقيلَ هُو على حذفِ أَنِ المفسرةِ ويدلُّ عليه قراءةُ عبدِ اللَّهِ أنِ اذهبْ لأنَّ في النداءِ مَعْنى القولِ
إِنَّهُ طغى
تعليلٌ للأمرِ أو لوجوبِ الامتثالِ بهِ
فقل
بعدما أتيتَهُ
هَل لَّكَ
رغبةٌ وتوجهٌ
إلى أَن تزكى
بحذف إحدى التاءين من تتزكَّى أيْ تتطهرُ من دنسِ الكُفرِ والطغيانِ وقُرِىءَ تزَّكَّى بالتشديدِ
وَأَهْدِيَكَ إلى رَبّكَ
وأُرشدكَ إلى معرفتِه عزَّ وجلَّ فتعرِفَهُ
فتخشى
إذِ الخشيةُ لا تكونُ إلا بعدَ معرفتِه تعالَى قالَ عزَّ وجلَّ إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء وجَعلُ الخشيةِ غايةً للهدايةِ لأنَّها مِلاكُ الأمرِ مَنْ خشَى الله تعالى أتَى منْهُ كلَّ خيرٍ ومَنْ أَمِنَ اجتر على كلِّ شرَ أُمرَ عليه الصلاة والسلام بأن يخاطبَهُ بالاستفهامِ الذي معناهُ العرضُ ليستدعيَهُ بالتلطفِ في القولِ ويستنزلَهُ بالمُداراةِ من عُتوِّهِ وهذا ضربُ تفصيلٍ لقولِه تعالى فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى والفاءُ في قولِه تعالَى
فَأَرَاهُ الأية الكبرى
فصيحةٌ تُفصحُ عن جملٍ قد طُويتْ تعويلاً على تفصيلِها في السورِ الأُخرى فإنه عليه الصلاة والسلام ما أراه اياها عيب هذا الأمرِ بل بعدَ ما جَرى بينَهُ وبين الله تعالَى ما جَرى من الاستدعاءِ والإجابةِ وغيرِهما من المراجعاتِ وبعد ما جَرَى بينَهُ وبينَ فرعونٍ ما جَرَى من المحاوراتِ الى أن قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بآية فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصادقين والإراءةُ إما بمَعْنى التبصيرِ أو التعريفِ فإن اللعينَ حينَ أبصرَها عرفَها وادعاءُ سحريتها إنَّما كانَ إراءةً منهُ وإظهاراً للتجلدِ ونسبتُهَا إليه عليه الصلاة والسلام بالنظرِ إلى الظاهرِ كما أنَّ نسبتَها إلى نونِ العظمةِ في قولِه تعالى وَلَقَدْ أريناه آياتنا بالنظر