وجاء في النصوص ما يكفي ويشفي للحث على تعلم القرآن وتعليمه، والمراد بتعلم القرآن لا يعني حفظه فقط، الحفظ نعم خصيصة هذه الأمة، أناجيلها في صدورها، ﴿فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ [(٤٩) سورة العنكبوت] ويأتي من يأتي ليغبش على الناس، ويشوش على الناس، ويقول: إن حفظ القرآن من سيما الخوارج، نقول: لا يا أخي، نقول: عدم حفظ القرآن من سيما المبتدعة.
نقول: علينا أن نُعنى بكتاب الله -عز وجل-، وقرأتم وسمعتم عن السلف من اهتمامهم بكتاب الله -عز وجل- ما يعده البعض من الأساطير، يعده بعض الناس من الأساطير التي لا يقبلها العقل، وهذا بالتأكيد لم يجرب ولو جرب لوجد أن هذا في المقدور، وأنه أمر يسير، ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ [(١٧) سورة القمر].
التصنيف في علوم القرآن:
علوم القرآن الذي نحن بصدد الحديث عنه تأخر التصنيف فيه، من أول من صنف فيه على سبيل جمع أكثر من فن من فنونه وإلا ففنونه موجودة مبثوثة في كتب العلم مشتركة بين علم الحديث، علم الرواية، وأيضاً علوم اللغة لا سيما البلاغة وما يتعلق بها، وهي أيضاً موجودة في كتب مباحث القرآن، موجود في كتب أصول الفقه، وتأخر التأليف المستقل الجامع لفنون علوم القرآن حتى ذكر السيوطي أن أول من ألف فيه، جلال الدين البلقيني المتوفى سنة أربع وعشرين وثمانمائة، لكن هذا الكلام ليس بصحيح، ابن الجوزي ألف، وهو متوفى سنة سبع وتسعين وخمسمائة، الطوفي ألف، الزركشي ألف قبل البلقيني، الزركشي له كتاب من أعظم كتب علوم القرآن وهو البرهان، قبل البلقيني.
المقصود أن السيوطي يبدو أنه أول ما وقف وقف على كتاب البلقيني، وكتاب المرشد الوجيز لأبي شامة، وهناك أيضاً الإكسير للطوفي، وكتب كثيرة في علوم القرآن، ثم بعد ذلكم وقف على البرهان في علوم القرآن، وجمع هذه الكتب، وأضاف إليها ما وجده في غيرها في ثنايا الفنون الأخرى، فألف كتاباً اسمه: (التحبير في علم التفسير) ضمنه أكثر من مائة نوع من أنواع علوم القرآن، ثم بعد ذلكم ألف (الإتقان) وهو كتاب نفيس لا يستغني عنه طالب علم، جمع بعض الأنواع، ضم بعضها إلى بعض فخزلت عنده إلى الثمانين.