"الثاني: قرينته عقلية"، بينما الأول قرينته لفظية، الأول قرينة لفظية والثاني قرينته عقلية، يعني ما جاء شيء يبين لنا أن الناس في قوله: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾ [(١٧٣) سورة آل عمران] شخص واحد، لكن الواقع يدل على هذا، والعقل يحيل أن يأتي جميع الناس ليقولوا للنبي -عليه الصلاة والسلام-: "إن الناس قد جمعوا لكم"، لكن ماذا عن التخصيص بالعقل؟ التخصيص بالعقل؟ هم يذكرون من المخصصات العقل، ما يحيله العقل لا يدخل في العموم، أو نقول: إن ما يخصصه العقل في العام الذي أريد به الخصوص؟ ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [(٢٥) سورة الأحقاف] هل دمرت السماوات والأرض؟ ما دمرت السماوات والأرض، ﴿وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ [(٢٣) سورة النمل] هل أوتيت مثلما أوتي سليمان -عليه السلام-؟ لا، هل نقول: إن هذا من العام المخصوص؟ هم يذكرون هذا في المخصصات، أو هو في الأصل لم يدخل في مراد المتكلم فيكون من العام الذي أريد به الخصوص، يعني هل العقل مخصص؟
يذكر في كتب الأصول على أساس أنه مخصص، لكن إذا قلنا: إن المتكلم أراد دخول جميع الأفراد ثم أخرجها بالعقل نعم من العام المخصوص، وإذا قلنا: إن المتكلم لم يرد جميع الأفراد ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [(٢٥) سورة الأحقاف] ما أراد السماوات والأرض، ﴿أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ [(٢٣) سورة النمل] لم يرد نظير ما أوتيه سليمان -عليه السلام-، فهذا حينئذ يكون من العام الذي أريد به الخصوص، ويطرد قول المؤلف: "قرينته عقلية".