قوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ «١». يقرأ بفتح همزة إنّ وكسرها. فالحجة فتح: أنه أوقع عليها الشهادة «٢» فجعلها بدلا من الأولى.
ومن كسرها جعلها مبتدأة لأن الكلام قد تمّ دونها بوقوع الشهادة على الأولى.
قوله تعالى: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ «٣» قرئت بألف من المقاتلة، وبغير ألف من القتل.
فالحجة لمن قرأه بالألف: أن المشهور من أفعالهم كان المقاتلة لا القتل. والحجة لمن قرأه بغير ألف: ما أخبر الله تعالى عنهم في قوله: فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ «٤»، لأن ذلك أبلغ في ذمّهم، وأثبت للحجّة عليهم.
قوله تعالى: وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ «٥». يقرأ بالتشديد والتخفيف. فالحجة لمن شدد: أن الأصل فيه عند (الفرّاء): «مويت» وعند سيبويه: (ميوت) فلما اجتمعت الواو والياء، والسابق منهما ساكن قلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء فالتّشديد لأجل ذلك، ومثله: «صيّب» و «سيّد» و «هيّن» و «ليّن». والحجّة لمن خفف: أنه كره الجمع بين ياءين، والتشديد ثقيل فخفف باختزال إحدى الياءين، إذ كان اختزالها لا يخلّ بلفظ الاسم، ولا يحيل معناه.
قوله تعالى: تُقاةً «٦». يقرأ بالإمالة والتفخيم. فالحجّة لمن أمال: أنه دلّ بالإمالة على أن أصل الألف الياء، لأنها (تقية) فانقلبت الياء ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها كما قالوا: سار، وباع. والحجة لمن فخّم: أنّ لفظ الياء قد زال بانقلابها فزال حكمها كما قالوا: قضاة ورماة.
فإن قيل: فلم أمال (حمزة) هذه، وفتح قوله: حَقَّ تُقاتِهِ «٧»؟ فقل: له في ذلك حجّتان: إحداهما: أنه اتبع بلفظه خطّ السّواد، فأمال ما ثبت فيه بالياء، وفخّم ما ثبت فيه بالألف. والأخرى أنه أتى باللغتين لجوازهما عنده.

(١) آل عمران: ١٩.
(٢) في قوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ آل عمران: ١٨.
(٣) آل عمران: ٢١.
(٤) البقرة: ٩١.
(٥) آل عمران: ٢٧.
(٦) آل عمران: ٢٨.
(٧) آل عمران: ١٠٢.


الصفحة التالية
Icon