قوله تعالى: فَيُوَفِّيهِمْ «١». يقرأ بالياء، والنون. فالحجة لمن قرأ بالنون: أنه ردّه على قوله: فَأُعَذِّبُهُمْ «٢». والحجة لمن قرأ بالياء: قوله بعد ذلك: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ «٣» قوله تعالى: كُنْ فَيَكُونُ «٤». يقرأ بالرفع، والنصب. وقد تقدمت الحجة للقراءتين في البقرة «٥».
وجملة القول فيه: أن الماضي إذا صلح لفظه بعد الجواب بالفاء لم يجز فيه إلا الرفع لأنه واجب، وإنما يصح النصب فيما لم يجب. وليس يمتنع في قوله تعالى أن يقول: «كُنْ» فكان.
قوله تعالى: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ «٦» يقرأ بالمد والقصر والهمز «٧»، وبالمد من غير همز.
فالحجة لمن مدّ وهمز: أنه جعل «ها» تنبيها ثم اتى بعدها بقوله: «أنتم» على طريق الإخبار من غير استفهام، ومدّ حرفا لحرف «٨». أو يكون أراد: الاستفهام «٩»، والتفرقة بين الهمزتين بمدة، ثم قلب من الهمزة الأولى هاء كما قالوا: هياك أردت، وبقّى الكلام على ما كان عليه. والحجة لمن قصر وهمز: أنه أراد: (أأنتم)، بهمزتين، فقلب الأولى هاء كراهية للجمع بينهما، وبقّى همزة: (أنتم) بحالها. والحجة لمن مدّ من غير همز أنه أراد: (آنتم) بهمزة ومدة، فقلب الهمزة هاء، وبقّى المد. وهذا الوجه ضعيف، لأنه إنما جعل الهمزة مدة لاجتماع همزتين، فإذا قلب الأولى فقد زال الثقل.
قوله تعالى: أَنْ يُؤْتى «١٠». يقرأ بالمد، والقصر. فالحجة لمن مد: أنه أراد: التقرير والتوبيخ بلفظ الاستفهام، فمد مليّنا للهمزة الثانية «١١». والحجّة لمن قصر: أنه أتى بلفظ

(١) آل عمران: ٥٧.
(٢) آل عمران: ٥٦.
(٣) آل عمران: ٥٧.
(٤) آل عمران: ٥٩.
(٥) انظر: ٨٨.
(٦) آل عمران: ٦٦.
(٧) أي أن الهمز يكون في قراءة المد، وفي قراءة القصر.
(٨) أي مد حرف الهاء لحرف الهمزة.
(٩) والأصل في «ها أَنْتُمْ» في هذا الوجه: (أأنتم) فأبدل من الهمزة الأولى هاء، لأنها أختها، روي هذا عن أبي عمرو بن العلاء والأخفش، قال النحاس: وهذا قول حسن. انظر: (القرطبي ٤: ١٠٨).
(١٠) آل عمران: ٧٣.
(١١) قال أبو حاتم: «آن» معناه (ألأن) فحذفت لام الجر استخفافا، وأبدلت الهمزة مدة. (القرطبي ٤: ١٠٨).


الصفحة التالية
Icon