أنه ابتدأ بالفعل فأعربه بما وجب له بلفظ المضارعة. والحجة لمن نصب: أنه ردّه على قوله: أَنْ يَأْتِيَ «١»، وأن يقول:
قوله تعالى: مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ «٢» يقرأ بالإدغام والفتح، وبالإظهار والجزم. فالحجة لمن أدغم: أنه لغة أهل الحجاز، لأنهم يدغمون الأفعال لثقلها كقوله تعالى: إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا «٣»، ويظهرون الأسماء لخفتها كقوله: عَدَدَ سِنِينَ «٤»، ليفرّقوا بذلك بين الاسم والفعل. والحجة لمن أظهر: أنه أتى بالكلام على الأصل، ورغب- مع موافقة اللغة- في الثواب إذ كان له بكل حرف عشر حسنات.
قوله تعالى: وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ «٥» يقرأ بالنصب، والخفض. فالحجة لمن نصب:
أنه ردّه على قوله: لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ «٦» والكفار؛ لأن معنى الألف واللام في الكفار بمعنى الذي.
ويجوز أن يكون معطوفا على موضع (من) في قوله: (من الذين)، لأن موضعه نصب فيكون كقول الشاعر «٧»:

معاوي إنّنا بشر فأسجح فلسنا بالجبال ولا الحديدا
«٨» فعطف «الحديد» على موضع الباء والجبال، لأن موضعهما نصب بخبر ليس.
والحجة لمن خفض أنه عطفه على قوله: (من الذين) (لفظا) يريد: ومن الكفار، لأنه كذلك في حرف عبد الله وأبيّ. والحجة لمن أماله كسر الراء في آخره. والحجة لمن فخمه:
أنه جمع، والجمع يستثقل فيه ما يستخفّ في الواحد.
قوله تعالى: وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ «٩» يقرأ بفتح الباء ونصب التاء، وبضم الباء وخفض
(١) المائدة: ٥٢.
(٢) المائدة: ٥٤.
(٣) مريم: ٨٤.
(٤) المؤمنون: ١١٢.
(٥) المائدة: ٥٧
(٦) الآية ٥٧ من سورة المائدة.
(٧) هو لعقيبة الأسدي.
(٨) استشهد بهذا البيت الفرّاء في معاني القرآن ٢: ٣٤٨ وذكره البغدادي في خزانة الأدب ١: ٣٤٣. وذكره سيبويه في الكتاب: ١: ٣٤، ٣٥٢، ٣٧٥، ٤٤٨.
(٩) المائدة: ٦٠.


الصفحة التالية
Icon