أنه أراد: على تمكينكم وأمركم وحالكم. ومنه قولهم: لفلان عندي مكان، ومكانة.
أي: تمكّن محبّة. وقيل وزنها مفعلة من (الكون) فالميم فيها زائدة، والألف منقلبة من واو. وقيل: وزنه: فعال مثل (ذهاب) من (المكنة) «١»، ودليل ذلك جمعه: (أمكنة) على وزن «أفعلة»، فالميم هاهنا أصل، والألف زائدة. والحجة لمن قرأه بالجمع: أنه جعل لكل واحد منهم مكانة يعمل عليها، فجمع على هذا المعنى. ويحتمل أن يكون أراد بالجمع الواحد، كقوله تعالى: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ «٢»، والمخاطب بذلك محمد عليه السلام.
فإن قيل: فكيف أمرهم النبي صلى الله عليه وسلّم أن يثبتوا على عمل الكفر، وقد دعاهم إلى الإيمان؟ فقل: إنّ هذا أمر: معناه التهديد، والوعيد، كقوله: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ «٣» توعّدا لهم بذلك.
قوله تعالى: مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ «٤». يقرأ بالياء والتاء. وقد تقدّم القول في علله قبل.
قوله تعالى: بِزَعْمِهِمْ «٥». يقرأ بضم الزّاي وفتحها. فقيل: هما لغتان. وقيل:
الفتح للمصدر، والضم للاسم.
قوله تعالى: وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ «٦». يقرأ بفتح الزّاي ونصب: «قتل» ورفع: «شركائهم»، وبضم الزّاي وفتح: «قتل» ونصب: «أولادهم»
وخفض شركائهم. فالحجة لمن قرأ بفتح الزّاي: أنه جعل الفعل للشركاء فرفعهم به، ونصب القتل بتعدّي الفعل إليه، وخفض أولادهم بإضافة القتل إليهم. والحجة لمن قرأه بضم الزاي: أنه دلّ بذلك على بناء الفعل لما لم يسمّ فاعله. ورفع به القتل. وأضافه إلى

(١) قال الجوهري: المكنة بكسر الكاف: واحدة المكن، والمكنات.
وفي الحديث: «أقروا الطير على مكناتها»، ومكناتها بالصم.
انظر: (الصحاح.: مكن).
(٢) المؤمنون: ٥١
(٣) فصّلت: ٤٠
(٤) الأنعام: ١٣٥.
(٥) الأنعام: ١٣٦
(٦) الأنعام: ١٣٧.


الصفحة التالية
Icon