ومشددة في أربعة مواضع: للتأكيد في الأمر، والنهي، والاستفهام، والجزاء. وتخرج «١» منه ولها أحكام.
قوله تعالى: آمَنْتُ أَنَّهُ «٢». يقرأ بكسرة الهمزة وفتحها. فالحجة لمن كسر: أنه جعل تمام الكلام عند قوله تعالى: آمَنْتُ، ثم ابتدأ إنّ فكسرها. والحجة لمن فتح:
أنه وصل آخر الكلام بأوله وهو يريد: آمنت بأنه، فلما أسقط الباء وصل الفعل إلى أن فعمل فيها.
قوله تعالى: آلْآنَ «٣». يقرأ بإسكان اللام وتحقيق الهمزة بعدها. وبفتح اللام وتخفيف الهمزة الثانية. فالحجة لمن حقّق: أنه أتى بالكلام على أصل ما وجب له ووفّاه حقه.
والحجة لمن خفف: أنه نقل حركة الهمزة إلى اللام الساكنة فحرّكها بحركتها، وأسقطها كما قرأ (قد افلح المؤمنون): قد افلح بفتح الدال وتخفيف الهمزة.
فإن قيل: لم بني (الآن) وفيه الألف واللام؟ فقل: قال الفراء «٤»: أصله: أوان، فقلبوا الواو ألفا، فصار آان ثم دخلت اللام على مبنيّ فلم تغيّره عن بنائه «٥». واستشهد على ذلك بقول الشاعر:-

فإني حبست اليوم والأمس قبله ببابك حتى كادت الشمس تغرب
«٦» فأدخل الألف واللام على مبني، ولم يغيره عن بنائه.
وقال سيبويه «٧»: (الآن) إشارة إلى وقت أنت فيه، بمنزلة (هذا)، والألف واللام تدخل لعهد قد تقدّم، فلما دخلت هاهنا لغير عهد ترك مبنيّا.
وقال المبرد: إنما بني الآن مع الألف واللام، لأن معرفته وقعت قبل نكرته، وليس يشركه غيره في التسمية، فتكون الألف واللام معرّفة له، وإنما تعني به الوقت الذي أنت فيه.
(١) أي لا يؤكد بها الفعل.
(٢) يونس: ٩٠
(٣) يونس: ٩١.
(٤) الفراء: ٦٠.
(٥) انظر: «معاني القرآن للفراء ١: ٤٦٧، ٤٦٨) لتقف على رأي الفراء، فإنه لا يخرج عما ذكره ابن خالويه.
(٦) قال في (الدّرر اللوامع): لم أعثر على قائله، واستشهد به على أن من العرب من يبني (أمس) مع الكسر (١:
١٧٥، ١٧٦).
(٧) سيبويه: تقدمت ترجمته انظر: ٧٨.


الصفحة التالية
Icon