الهاء على فتحها، كقولك: يا طلح في الترخيم، ثم تأتي بالهاء فتقول: يا طلحة أقبل.
قال النابغة: «١»

كليني لهمّ يا أميمة ناصب وليل أقاسيه بطيء الكواكب
«٢» فهذه الهاء ليست التي كانت في الاسم، ولكنها المردودة بعد الحذف. والدليل على ذلك فتحها. والحجة لمن كسرها: أنه أراد: الإضافة إلى النفس فاجتزأ بالكسرة من الياء «٣» لكثرة الحذف في النداء. فأما الوقف على (يا أبت) فبالهاء، والتاء. والحجّة لمن وقف بالهاء أنه شبهها بالهاء التي في (عمة) و (خالة)، فإذا وقف على هذه أخلص لفظها هاء، وإنما الهاء هاهنا عوض عن ياء الإضافة، لأنهم كانوا يحذفونها كما يحذفون التنوين، فجاءوا بهذه الهاء في الأمّ توكيدا للتأنيث، وفي الأب إذ لم يكن له تأنيث من لفظه، لأنك تقول: أبوان لأم وأب، ولا تقول لهما: «أمان» فصار «أب» و «أبه» اسمين للأب معا، ولا يقع هذا في غير النداء. والحجة لمن وقف عليها بالتاء أن أصل كل هاء وقعت للتأنيث فرقا أن تردّ إلى التاء في الوقف والدّرج، لأن التاء الأصل. والدليل على ذلك قولك:
قامت جاريتك، فالتاء الأصل، لأنه قد تدخل الهاء في أسماء المذكر وصفاته، فلذلك ردّت الهاء إلى التّاء.
قوله تعالى: آياتٌ لِلسَّائِلِينَ «٤». يقرأ بالتوحيد والجمع. فالحجة لمن وحد: أنه جعل أمر يوسف عليه السلام كله عبرة وآية. ودليله قوله: لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ «٥»
وأما الوجه الذي لا يجوز الوقف على الهاء فأن تنوي يا أبتاه، ثم تحذف الهاء والألف، لأنها في النية متصلة بالألف كاتصالها في الخفض بالياء من المتكلم (معاني القرآن ٢: ٣٢).
وقال في اللسان: «وقولهم يا أبة افعل، يجعلون علامة التأنيث عوضا من ياء الإضافة. كقولهم في الأم يا أمّة:
وتقف عليها بالهاء إلّا في القرآن العزيز فإنك تقف عليها بالتاء اتّباعا للكتاب، وقد يقف بعض العرب على هاء التأنيث بالتاء، فيقولون: يا طلحت. انظر: (مادة: أبي).
(١) انظر: ١٨٩.
(٢) انظر: (معاني القرآن للفراء: ٢: ٣٢ والمفصل ٢: ١٠٧ والكتاب لسيبويه ١: ٣١٥، ٣٣٦).
(٣) يذكر الأشموني: أن التاء عوض من ياء الإضافة لأن الأصل: يا أبي، ومن ثم لا يكادان يجتمعان.. ثم قال:
ويجوز فتح التاء وهو الأقيس، وكسرها وهو الأكثر. وبالفتح قرأ ابن عامر. وبالكسر قرأ غيره من السبعة (شرح الأشموني ٣: ١٥٧، ١٥٨).
(٤) يوسف: ٧.
(٥) يوسف: ١١١.


الصفحة التالية
Icon