* قواطنا مكّة من ورق الحمى «١» * أراد الحمام فأسقط الميم الأخيرة، ثم قلب الألف ياء، فلمّا قلبوا هاهنا من الألف ياء قلبوا هناك الياء ألفا.
وقال (الأصمعي) «٢»: معنى كفّ هاهنا: قبض. وهو فعل ماض (واليد) منصوبة بتعدّي الفعل إليها.
فإن قيل: (ربّ) موضوعة للتقليل، كما وضعت (كم) للتكثير، فما وجه الإتيان بها هاهنا؟ «٣» فقل: إنّ العرب استعملت إحداهما في موضع الأخرى. ومنه قولهم: إذا أنكروا
النّونات لم يحذفها، وإنما الحذف في المدغمات كقوله تعالى: تَأْمُرُونِّي «١» وأَ تُحاجُّونِّي «٢».
والحجة لمن فتح النون وخففها: أنه أراد: نون الإعراب الدّالّة على الرفع ولم نضفها إلى نفسه.
قوله تعالى: وَمَنْ يَقْنَطُ «٣». يقرأ بفتح النون وكسرها. فالحجّة لمن فتح النون: أن بنية الماضي عنده بكسرها كقولك: علم يعلم. والحجة لمن كسر النون: أن بنية الماضي عنده بفتحها كقولك: ضرب يضرب. وهذا قياس مطّرد في الأفعال.
والاختيار فيه هاهنا كسر النون لإجماعهم على الفتح في ماضيه عند قوله تعالى:
مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا «٤».
قوله تعالى: إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ «٥». يقرأ بالتشديد والتخفيف، وقد تقدّم القول في علته آنفا «٦».
وأصله: لمنجووهم بكسر الجيم وواوين بعدها. الأولى: لام الفعل، والثانية: واو الجمع، فانقلبت الأولى ياء لانكسار ما قبلها، كما انقلبت في (نجا) ألفا لانفتاح ما قبلها، فصار لمنجيوهم، فاستثقلت الضمّة على الياء، فحذفت عنها، فبقيت ساكنة، والواو ساكنة، فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، وضمّت الجيم لمجاورة الواو.
قوله تعالى: إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا «٧». يقرأ بالتشديد والتخفيف على ما تقدّم القول في أمثاله. فأما «قدر» بالتخفيف فيكون من التقدير والتقتير كقوله في «التقدير»: فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ «٨» وكقوله في التقتير: وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ «٩».
(٢) الأنعام: ٨٠.
(٣) الحجر: ٥٦.
(٤) الشّورى: ٢٨.
(٥) الحجر: ٥٩.
(٦) انظر: ١٨٥ عند قوله تعالى: نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ.
(٧) الحجر: ٦٠.
(٨) المرسلات: ٢٣.
(٩) الطلاق: ٧.