قوله تعالى: وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً «١». يقرأ بفتح الميم، وضمّها. وبفتح اللام وكسرها. فالحجة لمن فتحها: أنه جعله مصدرا من قولهم: هلكوا مهلكا، كما قالوا:
طلعوا مطلعا. والحجة لمن قرأه بكسر اللام وفتح الميم: أنه جعله وقتا لهلاكهم، أو موضعا لذلك. ودليله قوله تعالى: حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ «٢» أي الموضع الذي تغرب فيه.
والحجة لمن قرأه بضم الميم، وفتح اللام: أنه جعله مصدرا من قولهم: أهلكهم الله مهلكا يريد: إهلاكا، فجعل مهلكا في موضعه. ودليله قوله تعالى أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ «٣».
قوله تعالى: لِتُغْرِقَ أَهْلَها «٤». يقرأ بالتاء مضمومة، ونصب الأهل. وبالياء مفتوحة ورفع الأهل. فالحجة لمن قرأه بالتاء مضمومة: أنه جعله من خطاب موسى للخضر عليهما السلام، ونسب الفعل إليه. ودلّ بالتاء على حد المواجهة والحضور. ونصب (الأهل) بتعدّي الفعل إليهم. والحجة لمن قرأه بالياء: أنه جعل الفعل للأهل، فرفعهم بالحديث عنهم.
فإن قيل: فما وجه قول موسى للخضر عليهما السلام: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ «٥»؟
فقل عن ذلك أجوبة. أحدها: أن يكون موسى أعلم من الخضر بما يؤدّى عن الله تعالى إلى خلقه مما هو حجّة لهم وعليهم، بينهم وبين خالقهم، إلّا في هذه الحال.
والثاني: أنه استعلم من الخضر علما لم يكن عنده علم منه، وإن كان عنده علوم سوى ذلك.
والثالث: أنه قد يمكن أن يكون الله تعالى أعطى نبيّا من العلم أكثر مما أعطى غيره.
هذا جواب من جعل الخضر نبيّا.
قوله تعالى: أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً «٦». يقرأ زاكية بالألف، وزكيّة بغير ألف. فالحجة لمن قرأ زاكية: أنه أراد: أنها لم تذنب قطّ. والحجة لمن قرأها زكيّة أنه أراد: أنها أذنبت ثم تابت. وقيل: هما لغتان بمعنى كقوله: قاسية وقسيّة.

(١) الكهف: ٥٩.
(٢) الكهف: ٨٦.
(٣) الإسراء: ٨٠.
(٤) الكهف: ٧١.
(٥) الكهف: ٦٦.
(٦) الكهف: ٧٤.


الصفحة التالية
Icon