قوله تعالى: بَيْنَ السَّدَّيْنِ «١» يقرأ بضم السين وفتحها. فالحجة لمن ضم: أنه جعله من السّد في المعين. والحجة لمن فتح: أنه جعله من الحاجز بينك وبين الشيء. وقال بعضهم: ما كان من صنع الله فهو الضم، وما كان من صنع الآدميين فهو بالفتح «٢»، والذي في (يس) «٣» مثله.
قوله تعالى: لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا «٤». يقرأ بضم الياء وكسر القاف، وبفتحهما.
فالحجة لمن ضم الياء: أنه أخذه: من أفقه يفقه يريد به: لا يكادون ينسون قولا لغيرهم، ولا يفهمونه، وهاهنا مفعول محذوف. والحجة لمن فتح أنه أراد: لا يفهمون ما
يخاطبون به وأخذه من قوله: فقه يفقه إذا علم ما يقول، ومنه أخذ الفقه في الدين.
قوله تعالى: إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ «٥». يقرءان بالهمز وتركه. فالحجة لمن همز: أنه أخذه من أجيج النار أو من قولهم (ملح أجاج)، فيكون وزنه: (يفعول) و (مفعول) من أحد هذين فيمن جعله عربيّا مشتقا، ومنعه الصرف للتعريف والتأنيث، لأنه اسم للقبيلة.
فأمّا من جعله أعجميّا فليس له اشتقاق. والحجة لمن لم يهمز: أنه جعله عجميّا، وقاسه على ما جاء من الأسماء الأعجمية على هذا الوزن: نحو (طالوت) و (جالوت) و (هاروت)، و (ماروت).
قوله تعالى: فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً «٦». يقرأ بإثبات الألف وطرحها، هاهنا، وفي المؤمنين «٧». فالحجة لمن أثبتها: أنه أراد بذلك: ما يأخذه السّلطان كل سنة من الإتاوة، والضريبة. والحجة لمن طرحها: أنه أراد بذلك: (الجعل) «٨». فأمّا قوله:

أتهجر سلمى بالفراق حبيبها وما كاد نفسا بالفراق تطيب
ويرد ابن يعيش على هذه الرواية ويقول: إن الرواية: وما كاد نفسي بالفراق تطيب. هكذا قال أبو إسحاق الزجاج. انظر: (شرح المفصل لابن يعيش ٢: ٧٤).
(١) الكهف: ٩٣.
(٢) روي عن أبي عبيدة أنه قال: بين السّدين مضموم إذا جعلوه مخلوقا من فعل الله تعالى، وإن كان من فعل الآدميين فهو سد بالفتح، ونحو ذلك قال الأخفش: انظر: اللسان: مادة سدد.
(٣) يس: ٩.
(٤) الكهف: ٩٣.
(٥) الكهف: ٩٤.
(٦) الكهف: ٩٤.
(٧) المؤمنون: ٧٢.
(٨) قال في اللسان: الجعل، والجعال، والجعيلة، والجعالة، والجعالة، كل ذلك: ما جعله له على عمله.


الصفحة التالية
Icon