والواو أثقل من الياء، فإذا كان القلب في الواحد واجبا كان في الجمع لازما.
فأمّا قوله: (عتوّا) فإنما صحّ بالواو؛ لأنه مصدر، والمصدر يجري مجرى الاسم الواحد حكما وإن شارك الجمع لفظا، فصحّت الواو فيه لخفّته، واعتلت في الجمع لثقله، واعتلالها في واحده.
فإن قيل: فيلزم على هذا أن يجيز في قوله: فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا «١» كسر الميم فقل:
هذا لا يلزم، لأنه مصدر، والفعل منه مضى يمضي مضاء، ومضيّا. وقد بيّنا وجه صحّة لفظ المصدر. وإنما كان يلزم ذلك لو أنه جمع لماض، فأمّا وهو مصدر (فلا).
قوله تعالى: وَقَدْ خَلَقْتُكَ «٢». يقرأ بالتاء، وبالنّون والألف. فالحجة لمن قرأه بالتاء:
أنه ردّه على قوله: (هو على هيّن)، وقد خلقتك. والحجة لمن قرأه بالنون والألف: أنه حمله على قوله: وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا «٣»، وقد خلقناك، وكلاهما من إخبار الله تعالى عن نفسه.
فإن قيل: فما معنى قوله: وَلَمْ تَكُ شَيْئاً «٤» فقل: معناه: ولم تك شيئا مرئيا مخلوقا موجودا عند المخلوقين، فأما في علم الله فقد كان شيئا، وإنما سمّي «يحيى»، لأنه حيي من عقمين، قد نيّفا على التسعين، ويئسا من الولد.
وقوله: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا «٥» قيل: لم يسمّ باسمه غيره. وقيل: لم يولد لأبويه ولد قبله. وقوله: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا «٦» يحتمل الوجهين.
قوله تعالى: لِأَهَبَ لَكِ «٧». يقرأ بالياء، والهمزة. فالحجة لمن قرأه بالياء: أنه جعله من إخبار جبريل عليه السلام عن الله عز وجل. ومعناه: ليهب لك ربك. والحجة لمن قرأه بالهمز: أنه أراد بذلك: حكاية جبريل عليه السلام عن الله تعالى: إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ وهو يقول: لِأَهَبَ لَكِ، فأراد أن جبريل عليه السلام أخبر بذلك عن نفسه،

(١) يس: ٦٧.
(٢) مريم: ٩.
(٣) مريم: ١٣.
(٤) مريم: ٩.
(٥) مريم: ٧.
(٦) مريم: ٦٥.
(٧) مريم: ١٩.


الصفحة التالية
Icon