أثبتها: أنه جعله اسما لفاعل مشتقا من فعله. والحجة لمن حذفها، أنه أراد اسم الفعل وهو المصدر.
قوله تعالى: لا تَخافُ دَرَكاً «١». أجمع القرّاء على الرفع إلا حمزة فإنه قرأه بالجزم على طريق النهي. فالحجة لمن رفع. أنه جعله خبرا وجعل (لا) فيه بمعنى (ليس).
فإن قيل: فما حجة (حمزة) في إثبات الياء في تَخْشى «٢» وحذفها علم الجزم «٣»؟
فقل له في ذلك وجهان أحدهما: أنه استأنف: (ولا تخشى)، ولم يعطفه على أول الكلام فكانت (لا) فيه بمعنى (ليس) كما قال تعالى: فَلا تَنْسى «٤». والوجه الآخر: أنه لما
طرح الياء أشبع فتحة السين فصارت ألفا ليوافق رءوس الآي التي قبلها بالألف.
قوله تعالى: فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ «٥». يقرأ بقطع الألف وإسكان التاء، وبوصلها وتشديد التاء. فالحجة لمن قطع: أنه أراد: فألحقهم وهما لغتان؛ لحق وألحق. والحجة لمن وصل: أنه أراد: سار في أثرهم.
قوله تعالى: قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ «٦». يقرءان بالتاء وبالألف والنون إلا ما قرأه (أبو عمرو) من طرح الألف في «ووعدناكم» فمن قرأه بالتاء. فالحجة له:
أنه جعله من إخبار الله تعالى عن نفسه، لأن التاء اسم الفاعل المنفرد بفعله. والحجة لمن قرأه بالنون والألف: أنه جعله من إخبار الله عزّ وجل عن نفسه بنون الملكوت لأنه ملك الأملاك، وعلى هذه اللغة يتوجه قوله: قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ «٧»، لأنه خاطبه بلفظ ما أخبر به عه نفسه، فأمّا قوله: (وعدناكم) و (أوعدناكم) فالفرق بينهما مذكور في البقرة «٨».
قوله تعالى: آمَنْتُمْ لَهُ «٩». يقرأ بالاستفهام والإخبار. وقد ذكرت علله في الأعراف «١٠» قوله تعالى: فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ «١١» يقرءان بالكسر معا، وبالضم.
فالحجة لمن كسر: أنه أراد: نزل ووقع. والحجة لمن ضم: أنه أراد؛ وجب. والوجه:
الكسر لإجماعهم على قوله تعالى: وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ «١٢».

(١) طه: ٧٧.
(٢) طه: ٧٧.
(٣) أي أنها تحذف في حالة الجزم.
(٤) الأعلى: ٦.
(٥) طه: ٧٨.
(٦) طه: ٨٠.
(٧) المؤمنون: ٩٩.
(٨) انظر: ٧٦ عند قوله تعالى: وَإِذْ واعَدْنا.
(٩) طه: ٧١ وفي الأصل (به) وهو خطأ.
(١٠) انظر: ص: ١٦١ عند قوله تعالى: (أأمنتم به).
(١١) طه: ٨١.
(١٢) هود: ٣٩.


الصفحة التالية
Icon