الحركة على الياء ثقيلة، فأسكنها تخفيفا، وهذا لا سؤال فيه، وإنما السؤال على (أبي عمرو) لأنه أسكن في (النّمل) وحرك في (يس).
وله في ذلك ثلاث حجج: إحداهن: ما حكى عنه: أنه فرّق بين الاستفهام في (النمل)، وبين الانتفاء في (يس). والثانية: أنه أتى باللغتين ليعلم جوازهما. والثالثة:
أن الاستفهام يصلح الوقف عليه فأسكن له الياء كقولك ما لي؟ وما لك؟ والانتفاء يبنى على الوصل من غير نيّة وقوف، فحرّكت الياء لهذا المعنى.
قوله تعالى: أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ «١». يقرأ بإظهار النّونين، وبالإدغام. فالحجة لمن أظهر: أنه أتى باللّفظ على الأصل، لأن الأولى: نون التأكيد مشددة، والثانية: مع الياء اسم المفعول به. والحجة لمن أدغم: أنه استثقل الجمع بين ثلاث نونات متواليات، فخفف بالإدغام وحذف إحداهن، لأن ذلك لا يخل بلفظ ولا يحيل معنى. والسلطان هاهنا: الحجّة.
قوله تعالى: فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ «٢» يقرأ بضم الكاف إلا ما روي عن (عاصم) من فتحها، وهما لغتان، والاختيار عند النحويين الفتح لأنه لا يجيء اسم الفاعل من فعل يفعل بالضمّ إلّا على وزن: (فعيل) إلا الأقل: كقولهم: «حامض»، و (فاضل).
قوله تعالى: مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ «٣». يقرأ بالإجراء والتنوين. وبترك الإجراء والفتح من غير تنوين، وبإسكان الهمزة. فالحجة لمن أجراه أنه جعله اسم جبل أو اسم أب للقبيلة.
والحجة لمن لم يجره: أنه جعله اسم أرض، أو امرأة فثقل بالتعريف والتأنيث. والحجة لمن أسكن الهمزة: أنه يقول: هذا اسم مؤنث، وهو أثقل من المذكّر، ومعرفة، وهو أثقل من النكرة، ومهموز، وهو أثقل من المرسل، فلما اجتمع في الاسم ما ذكرناه من الثقل خفّف بالإسكان.
وسئل «أبو عمرو» عن تركه صرفه فقال: هو اسم لا أعرفه، وما لم تعرفه العرب لم تصرفه.
قوله تعالى: أَلَّا يَسْجُدُوا «٤». يقرأ بالتشديد والتخفيف. فالحجة لمن شدّد: أنه
(٢) النمل: ٢٢.
(٣) النمل: ٢٢.
(٤) النمل: ٢٥.