قوله تعالى: وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها «١». قرأه الأئمة بإرسال الألف إلا ما قرأه ابن كثير بالهمز مكان الألف. وله في ذلك وجهان. أحدهما: أن العرب تشبه ما لا يهمز بما يهمز فتهمزه تشبيها به كقولهم: حلّات السّويق «٢»، وإنما أصله في قولهم: حلّات الإبل عن الحوض: إذا منعتها من الشرب. والآخر: أن العرب تبدل من الهمز حروف المد واللين فأبدل (ابن كثير) من حروف المدّ واللين همزة تشبيها بذلك. فأمّا همزه في (صاد) لقوله بِالسُّوقِ «٣» فقيل: كان أصله سئوق على ما يجب في جمع (فعل) «٤» فلما اجتمع واوان الأولى مضمومة همزها، واجتزأ بها من الثانية فحذفها.
قوله تعالى: لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ «٥» يقرءان بالتاء والنون. فالحجة لمن قرأه بالتاء «٦»:
أنه أراد به: كأن مخاطبا خاطبهم فقال: تحالفوا من القسم لتبيّتنّه، ثم لتقولنّ، فأتى بالتاء دلالة على خطاب الحضرة، وأسقطت نون التأكيد، واو الجمع، لالتقاء الساكنين.
قوله تعالى: مَهْلِكَ أَهْلِهِ «٧». يقرأ بضم الميم وفتحها وبكسر اللام وفتحها. وقد أتينا على علله في الكهف «٨».
قوله تعالى: أَنَّا دَمَّرْناهُمْ «٩». يقرأ بكسر الهمزة وفتحها. فالحجة لمن كسر: أنه استأنفها بعد تمام الكلام. والحجة لمن فتحها: أنه جعلها متّصلة بالأول من وجهين:
أحدهما: أنه جعلها وما اتصل بها خبر كان. والآخر: أنه وصلها بالباء، ثم أسقطها فوصل الفعل إليها.

(١) النمل: ٤٤.
(٢) السويق: ما يعمل من الحنطة والشعير، فهمزوا غير مهموز لأنه من الحلواء.
(٣) ص: ٣٣.
(٤) فعول: يطرد في اسم على فعل بفتح فكسر، ككبد وكبود وفي فعل اسما ثلاثيّا ساكن العين، مثلث الفاء. نحو:
كعب وكعوب، ويحفظ في فعل بفتحتين. كأسد وأسود، وذكر وذكور، وشجن وشجون.
(٥) النمل: ٤٩.
(٦) التاء الفوقية مضمومة بعد اللام، وكذلك ضم التاء التي بعد الياء التحتية.
(٧) النمل: ٤٩.
(٨) انظر: ٢٢٧.
(٩) النمل: ٥١.


الصفحة التالية
Icon