بهمزتين فقلب الثانية ياء لانكسارها تخفيفا لها. والحجة لمن أخبر أنه أراد: إننا، فاستثقل الجمع بين ثلاث نونات فحذف إحداهن تخفيفا ثم أدغم النون في النّون للماثلة. والحجة لمن أظهر النونات في الإخبار أنه أتى بالكلام على أصله ووفّاه ما أوجبه المعنى له. فأمّا الاسم المكنّى ففي موضع نصب بإنّ في كل الوجوه.
قوله تعالى: وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ «١». يقرأ بالياء مفتوحة، ورفع (الصمّ) وبالتاء مضمومة ونصب (الصمّ)، وقد بيّن الوجه في ذلك مشروحا في سورة (الأنبياء) «٢».
فإن قيل: فأي حجة تثبت عليهم إذا كانوا صمّا؟ فقل: هذا مثل: وإنما نسبوا إلى الصمم لأن الرسول عليه السّلام لما وعظهم، فتكبّروا عن الوعظ، ومجّته آذانهم، ولم ينجح فيهم، كانوا بمنزلة من لم يسمع، ألا ترى إلى قول الشاعر:
* أصم عما ساءه سميع «٣» * قوله تعالى: وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ «٤» يقرأ بفتح الضاد وكسرها وقد ذكر فيما سلف «٥».
قوله تعالى: بِهادِي الْعُمْيِ «٦». يقرأ بالياء واسم الفاعل مضافا، وخفض «العمي» وبالتاء «٧» مكان الباء علامة للمضارعة، ونصب «العمي». فالحجة لمن أدخل الباء: أنه شبه «٨» (ما) بليس فأكّد بها الخبر، فإن أسقط الباء كان له في الاسم الرفع والنصب.
والحجة لمن قرأه بالتاء: أنه جعله فعلا مضارعا لاسم الفاعل، لأنه ضارعه في الإعراب، وقام مقامه في الحال، فأعطي الفعل بشبهه الإعراب «٩»، وأعطي اسم الفاعل بشبهه الإعمال.

(١) النمل: ٨٠.
(٢) انظر: ٤٨.
(٣) اللسان: مادة: صمم سمع، وانظر: (جمهرة الأمثال: ٣٦).
(٤) النمل: ٧٠.
(٥) انظر: ١٥٠.
(٦) النمل: ٨١.
(٧) المراد بتاء فوقية مفتوحة، وإسكان الهاء ونصب (العمى). وهي قراءة حمزة: انظر: (التيسير: ١٦٩).
(٨) في قوله تعالى: وَما أَنْتَ بِهادِي الخ.. الآية نفسها.
(٩) في رأي ابن مالك أن هذا ليس هو العلة في إعراب الفعل المضارع، وإنما العلة في إعرابه قبوله لصيغة واحدة، ومعان مختلفة، ولا يميزها إلا الإعراب تقول: ما أحسن زيد فيحتمل: النفي بها والتعجب، والاستفهام، فإن أردت الأول: رفعت زيدا، أو الثاني نصبته، أو الثالث جررته، فلا بد أن تكون هذه العلة هي الموجبة لإعراب المضارع فإنك تقول: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، فيحتمل النهي عن كل منهما على انفراده، وعن الجمع بينهما، وعن الأول فقط، والثاني مستأنف، ولا يبين ذلك إلّا بالإعراب، بأن تجزم الثاني إذا أردت الأول،


الصفحة التالية
Icon