ولمن فتح الياء مع التشديد وجهان: أحدهما: أنه أراد: يا بنياه، فرخّم، فسقطت الألف والهاء للترخيم، لأنهما زائدتان، فالألف زيدت لبعد الصوت، والهاء للسكت، فبقي الاسم على الفتح الذي كان عليه قبل الترخيم.
والثاني: أنه شبّه هذه الياء لما رآها مشدّدة ومعها ياء الإضافة بياء الاثنين إذا أضيفت إليها، ففتحها كما فتحوا قوله: إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ «١».
فإن قيل: فما الفرق بين قولك: (ابنتي) وبين قولك (يا بني)، وكلاهما مضاف إلى النفس بالياء الشديدة؟ فقل: الفرق بينهما لطيف فاعرفه، وذلك أن الياء في قولك:
ابنتيّ ساكنة طبعا لأنها بدل من الألف التي لا يمكن الحركة فيها بوجه، ثم يدخل ياء الإضافة لأن النون تذهب لمعاقبتها لها. والأصل في ياء الإضافة: الحركة، فكان الفتح أولى بها ففتحت لذلك، وأدغمت فيها ياء التثنية لسكونها، فهذا وجه الفتح في الياء، المضاف إليها التثنية.
وأمّا وجه كسر الياء في قولك: يا بنيّ: فإن وزن «ابن» كوزن «حصن» فإذا قلت في التصغير: حصين كان كقولك: بنيّ، فاجتمع فيه ياء التصغير وياء الأصل التي هي لام الفعل، وكان الإعراب عليها جاريا كما جرى على النون من (حصين)، ثم دخلت عليها ياء الإضافة فاجتذبت الياء الشديدة لقوتها إلى الكسر، لأن من شرطها أن تزيل الاعراب عمّا وليته وتردّه إلى الكسر، كقولك: «حصيني» فتسقط ياء الإضافة في «بنيّ» لكثرة الياءات فتبقى «٢» كقولك «حصين» بكسر النون وسقوط الياء. فأنت الآن تعلم ضرورة أن الياء من (حصين) ساكنة وهي ياء التصغير. ومثلها في قولك: (بني)، والنون المكسورة في قولك: (حصين) مثلها ياء الأصل في (بنيّ) وهي مكسورة كالنّون، لتدل بالكسر على ياء الإضافة الساقطة. فهذا تلخيص الفرق بين ياء الإضافة في التصغير والتثنية، والدّلالة على فتح الياء في التثنية، وكسرها في التصغير. وأمّا الحجة لمن خفف الياء وأسكن:
فإنه صغّر، ولم يضف، فلما اجتمع في آخر الاسم ياءان حذف إحداهما وبقّى الأولى، وهي ياء التصغير على سكونها، فأجحف بالاسم. ولو أتى به منادى على أصل المواجهة لقال: يا بنيّ لأنه نداء مفرد.

(١) القصص: ٢٧.
(٢): أي بنيّ.


الصفحة التالية
Icon