فمنهم من أثبتها وصلا ووقفا، واحتج: أنه إنما كان حذفها لمقارنة التنوين فلما زال التنوين بدخول الألف واللام عادت إلى أصلها.
ومنهم من حذفها وقفا وأثبتها وصلا ليكون متبعا للخط وقفا، وللأصل وصلا.
ومنهم من حذفها وقفا ووصلا. واحتج بأن النكرة الأصل، والمعرفة فرع عليها، فلما حذفت الياء في النكرة لمقارنة التنوين، ثم لما دخلت الألف واللام دخلتا على شيء قد حذف أصلا، فلم يعيداه لأن الأصل أقوى من الفرع.
قوله تعالى: وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ «١». يقرأ بالنصب والرفع. فالحجة لمن نصب:
أنه صرفه عن المجزوم، والنّصب بالواو عند الكوفيين، وبإضمار «أن» عند البصريين.
ودليل ذلك قوله تعالى: وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ «٢» بالنصب والحجة لمن رفع: أنه استأنف بالواو لتمام الشرط والجزاء بابتدائه وجوابه.
قوله تعالى: كَبائِرَ الْإِثْمِ «٣». يقرأ بالتوحيد والجمع،. فالحجة لمن وحّد: أنه أراد:
به الشرك بالله فقط، لأن الله تعالى أوجب على نفسه غفران ما سواه من الذنوب، ولذلك سماه ظلما عظيما. والحجة لمن جمع: أنه أراد بذلك: الشرك، والقتل، والزّنا، والقذف، وشرب الخمر، والفرار من الزّحف، وعقوق الوالدين، فذلك سبع.
وقال: «ابن عباس» «٤»: هي إلى سبعين أقرب منها إلى سبع. وقيل: هي من أول «النساء» إلى قوله: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ وإذا ثبت أنّ أكبر المعاصي الشرك بالله، فأكبر الطاعات الإيمان بالله، وهو: الإقرار باللسان، والتصديق بالقلب. وقيل:
أكبر من الشرك ما ادّعاه فرعون لنفسه من الربوبية. وقيل: إذا اجتمعت صغائر الذنوب صارت كبيرة.
قوله تعالى: أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ «٥». يقرءان بالرفع والنصب. فالحجة لمن رفع:
أنه استأنف ب (أو) فخرج من النصب إلى الرفع. والحجة لمن نصب أنه عطفه على معنى قوله: (إلّا وحيا)، لأنه بمعنى: أن يوحي. إليه أو يرسل رسولا، فيوحى، فيعطف
(٢) آل عمران: ١٤٢.
(٣) الشورى: ٣٧.
(٤) انظر: ٢٤٢.
(٥) الشورى: ٥١.