وكذلك فعل أبو محمد مكّي بن أبي طالب الأندلسي في مقدمة كتابه «تفسير مشكل إعراب القرآن» حيث يقول: «فقصدت في هذا الكتاب إلى تفسير مشكل الإعراب، وذكر علله، وصعبه، ونادره، ليكون خفيف المحمل» «١».. الخ. ولم يشر إلى أن هذا الكتاب اسمه: «تفسير مشكل إعراب القرآن» وإنما ذكر الموضوع، ولا يخفى على الراوية أو الناسخ لبّ هذا الموضوع، فاستنتج الاسم منه ونسب إليه.
ولا أبالغ إذا قلت: إن كتاب سيبويه أشهر كتاب انتشر في الآفاق لم يسمه سيبويه بهذا الاسم، وإنما جاءت التسمية من الرواة أو الدارسين أو الناسخين، يقول أستاذنا
المحقق الكبير الأستاذ عبد السلام هارون في مقدمته القيمة لتحقيق كتاب سيبويه ما نصه:
«وقد عرف كتاب سيبويه من قديم الدهر إلى يومنا هذا باسم الكتاب أو كتاب سيبويه، ومن المقطوع تاريخيا أن سيبويه لم يسمّه باسم معين» «٢».
وفي العصور المتأخرة نجد المؤلفين ينصون على تسمية كتبهم في مقدماتها وبذلك يكون عنوان الغلاف وفق عنوان اسم الكتاب المشار إليه في المقدمة فهذا ابن هشام في مقدمة كتابه المغنى يشير إلى اسم كتابه فيقول: «سميته بمغنى اللبيب عن كتب الأعاريب». والسيوطي في مقدمة كتابه الهمع يقول: «فتخيرت لهم هذه العجالة الكاملة بحل مبانيه، وتوضيح معانيه إلى أن يقول: مسماة بهمع الهوامع في شرح جمع الجوامع».
ولعل في هذا الدليل الشافي في أنّ عنوان الكتاب قد لا يكون في بعض الأحيان من وضع المؤلف، أو من تسمية المؤلف.
(٤) وقد ذكرت أنّ من الأدلة على أنّ الحجة لابن خالويه دليل التنافس العلمي في هذا العصر، ولكن هذا الدليل لم يرق في نظر الناقد فكتب يقول: «وأنا لا أدري ما وقع هذا الدليل. والتنافس العلمي ولو بلغ ما بلغ لا ينتج مثل هذا الفرض المشكوك فيه من أصله، وقد وقع التنافس في كثير من الفنون في عصره، ولم يؤلف ابن خالويه في جميع تلك العلوم المتنافس فيها»؟.
أقول:
لعل الناقد الفاضل يذكر أن أهمّ ما كان يشغل ذهن ابن خالويه هو العلوم القرآنية،
(٢) مقدمة المحقق ١ - ٢٣ - طبع دار القلم.