لثعلب يحتجّ فيها لقراءة الكسائي «ملك الناس» ويستطرد إلى قول أبي عبيد في تفسير معنى ملك يوم الدين ويبين أن المالك والملك يجمعهما معنى واحد ويرجعان إلى أصل وهو الرّبط والشدة، ويستدل على ذلك بالشعر العربيّ، ويستطرد مرة أخرى إلى تفسير معنى الاملاك، وهو ربط الرجل بالمرأة، ويعود من حيث بدأ إلى قراءة «ملك»، وقراءة «مالك» وسرعان ما يترك توجيه القراءة إلى موضوع آخر ليس منها فيقول: قال أبو الحسن الأخفش يقال: ملك بيّن الملك: الميم مضمومة، وتقول: مالك بين الملك والملك بفتح الميم وكسرها.
ولا يكتفي بهذا بل ينقل عن أبي عثمان فيقول: وقال أبو عثمان: شهدنا أملاك فلان وملكه، ولا يقال: ملاكه، وينتقل إلى الحديث عن إملاك المرأة وهو العقد عليها، وقد ذكره فيما قبل، ثم عاد إليه.
ومن غير وحدة أو ترابط يرجع بعد ذلك إلى قراءة «ملك» أو «مالك» فإذا فرغ من هذا اتّجه إلى الحديث عن إضافة مالك إلى يوم الدين والإضافة باب من أبواب النحو، أخذ أبو علي يشقق الحديث عنها إلى منتصف ص ٣٦، أي أن الحديث عن مالك يوم الدين تناول ٣٦ صفحة من القطع الكبير. فهل هذا إيجاز أو اختصار؟
انظر إلى ما كتبه ابن خالويه في مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال ما نصه: «يقرأ بإثبات الألف وطرحها، فالحجة لمن أثبتها أن الملك داخل تحت المالك، والدليل له قوله تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ «١». والحجة لمن طرحها أن الملك أخص من المالك وأمدح، لأنه قد يكون المالك غير ملك، ولا يكون الملك إلا مالكا. «٢»
وقد بلغت صفحات حجة ابن خالويه بعد طبعه ٣١٨ صفحة من القطع الكبير خلاف المقدمة والفهارس مع أنه تناول توجيه القراءات السبع في القرآن الكريم كله مبتدئا بفاتحة الكتاب، ومنتهيا بسورة الناس.
(٦) ومن أدلتي في أن كتاب الحجة تصح نسبته إلى ابن خالويه: أن الاعلام الذين سجلهم ابن خالويه في كتابه كانوا أسبق منه زمنا مما يدل على أن الكتاب لم يؤلف بعد عصر ابن خالويه، ولكن هذا الدليل من الأدلة الواهية في نظر الناقد الفاضل حيث يقول:
«هذا من الاستدلالات الواهية، ومتى كان النقل عن أعلام سابقين في الزمان دليلا على تثبيت نسبة الكتاب لشخص معيّن».
(٢) الحجة لابن خالويه- ٦٢.