عليه، لأن الإمالة «١» من أجل الياء، فلما سقطت «٢» الياء سقطت الإمالة.
فإن قيل: فيلزم على هذا أن لا يقف على المخفوض بالإمالة، لأن الكسرة قد زالت بالوقف، فقل: من شرطه أن يشمّ الكسرة في الوقف فأمال الإشارة، ليعلم أنه كذلك يصل. فإن كانت هذه الرواية صحّت «٣» فإنما أراد أن يعلم أنه كذلك يقف، وفي هذا بعض الوهن، ولكنّه عذر له، والمشهور عنه في ذلك الفتح «٤».
قوله تعالى: «يغفر لكم خطاياكم» «٥». تقرأ بالتاء والياء وضمهما، وبالنون. فالحجّة لمن قرأها بالتاء والياء ما قدّمناه في قوله: «ولا تقبل منها شفاعة» «٦» والضمّ دلالة على بناء الفعل لما لم يسمّ فاعله.
ولمن قرأ بالياء حجّة رابعة، وهي: أن «خطايا» جمع، وجمع ما لا يعقل مشبه لجمع من يعقل من النساء، فكما ذكّر الفعل في قوله: وَقالَ نِسْوَةٌ «٧» لتذكير لفظ الجمع، فكذلك يجوز التذكير في قوله: نَغْفِرْ، لأنه فعل للخطايا، ولفظها لفظ جمع.
فإن قيل: لم اتفقت القرّاء على قوله: خَطاياكُمْ هاهنا، واختلفوا في الأعراف «٨» وسورة نوح «٩»؟ فقل: لأن هذه كتبت بالألف في المصحف فأدّى اللفظ ما تضمّنه السّواد، وتينك كتبتا بالتاء من غير ألف، وهما في الحالين جمعان ل «خطية»، فخطايا جمع تكسير، وخطيئات جمع سلامة. وكان الأصل في خطايا: (خطائئ) على وزن (فعائل)، فاستثقل «١٠» الجمع بين همزتين فقلبوا الثانية ياء لانكسار ما قبلها فصار (خطائي)، فوجب سقوط الياء لسكونها، وسكون التنوين، فكرهوا ذهاب الياء مع خفاء الهمزة،

(١) أي إمالة الهمزة من: «رأي» وذلك إذا لم يأت بعد الياء ساكن.
(٢) لوجود ساكن بعدها، انظر في هذا الموضع: (التيسير: ١٠١،: ١٠٢)
(٣) أي إمالة رأي في حالة اتصالها بالساكن بعدها.
(٤) أي فتح القارئ لفيه بلفظ الحرف، ويقال له أيضا: التفخيم، وربما قيل له النصب، (النشر ١: ٢٩).
(٥) البقرة: ٥٨.
(٦) البقرة: ٤٨، وانظر: ٥٢ عند قوله تعالى: «ولا تقبل منها شفاعة».
(٧) يوسف: ٣٠
(٨) الأعراف: ١١
(٩) نوح: ٢٥
(١٠) ثم قلبت الياء همزة لوقوعها بعد ألف الجمع.


الصفحة التالية
Icon