قوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَخافا «١» يقرأ بفتح الياء وضمها، فمن فتح الياء جعل الفعل لهما وسمّى: الفاعل. ومن ضم الياء جعله فعل ما لم يسم فاعله. ومعنى يخافا هاهنا: تيقّنا، لأن الخوف يكون يقينا وشكا.
قوله تعالى: يُبَيِّنُها «٢» يقرأ بالياء والنون. فالحجة لمن قرأ بالياء تقدّم اسم الله عز وجل، ليأتي الكلام على سنن واحد، لمكان حرف العطف. والحجة لمن قرأ بالنون: أن الله تعالى أخبر بذلك عن نفسه مستأنفا بالواو. وجعل «تلك» إشارة إلى ما تقدّم من الأحكام والحدود قوله تعالى: لا تُضَارَّ «٣» يقرأ بالرفع والنصب. فالحجة لمن جعله مرفوعا: أنه أخبر ب «لا» فردّه على قوله: لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها لا تُضَارَّ. والحجّة لمن نصب: أنه عنده مجزوم بحرف النهي. والأصل فيه: لا تضارر، فأدغم الراء، في الراء وفتح لالتقاء الساكنين. ومثله: وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ «٤».
قوله تعالى: ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ «٥» يقرأ بالمدّ والقصر، وهما فعلان ماضيان. فالحجة لمن مدّ: أنه من الإعطاء. ووزنه: (أفعلتم)، ودليله قوله: «إِذا سَلَّمْتُمْ»، والتسليم لا يكون إلّا بالإعطاء: والحجّة لمن قصر: أنه من المجيء. ووزنه (فعلتم). وفيه إضمار معناه:
«به»، فنابت عنه قوله: «بالمعروف».
وكل ما في كتاب الله من «آتى» بالمد فمعناه: الإعطاء، وما كان فيه من «أتى» بالقصر فهو من المجيء إلا قوله: فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا «٦» أي: أخذهم.
وقوله في قراءة ل (مجاهد) «٧»: أَتَيْنا بِها «٨»: جازينا بها. وقوله: كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ «٩» أي: أريناهم.

(١) البقرة: ٢٢٩.
(٢) البقرة: ٢٣٠.
(٣) البقرة: ٢٣٣.
(٤) البقرة: ٢٨٢.
(٥) البقرة: ٢٣٣.
(٦) الحشر: ٢.
(٧) مجاهد، يكني: أبا الحجاج وهو مولي عبد الله بن السائب بن أبي السائب المخزومي، أسند مجاهد عن ابن عباس وابن عمر، وابن عمرو الخ. ومات سنة اثنتين ومائة يوم السبت وهو ساجد. انظر: (صفة الصفوة ٢: ١١٧.
١١٨، ١١٩).
(٨) الأنبياء: ٤٧.
(٩) البقرة: ٢١١.


الصفحة التالية
Icon