بجمعهما، فهو مشرك هذه الأمة، وهما لاتاه وعزاه، اللتان تبطلان عليه قول كلمة لا إله إلا الله، لأنه تأله ماله، قال - ﷺ -: "لا إله إلا الله نجاة لعباد الله من عذاب الله، مالم يؤثروا صفقة دنياهم على دينهم".
فمن وجد من هذا سمة فليستمع جميع ما أنزل في المشركين من القرآن منطبقا عليه، ومنزلا إليه، وحاقا به، حتى يخلصه الله من خاص شركه، كما خلص من أخرجه من الظلمات إلى النور من الأولين، فيخلص هذا المشرك بما له من ظلمته، التي غشيت ضعيف إيمانه، إلى صفاء نور الإيمان، بما في مضمون قوله تعالى: ﴿لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾.
فهذا وجه تفصيل يبين نحواً من تكرر دين الشرك في هذه الأمة.
وأما وجه وقوع المجوسية ونظيرها في هذه الأمة: فإطباق الناس على رؤية الأفعال من أنفسهم؛ خيرها وشرها، وإسنادهم أفعال الله إلى خلقه، حيث استحكمت عقائدهم على أن فلانا فاعل خير، وفلانا فاعل شر، وفلانا يعطي، وفلانا يمنع، وفلانا حرمني، وفلانا أعطاني، حتى ملأوا الدواوين من الأشعار والخطب والرسائل أمداحا لخلق الله على ما لم يفعلوا، وذما لهم على ما لم يمنعون، يحمدون الخلق على رزق الله، ويذمونهم على ما لم يؤته الله، ويلحدون في أسمائه، حتى يكتب بعضهم لبعض: سيدي وسندي، وأسنى عددي، وعبدك ومملوكك، يبطلون بذلك أخوة الإيمان، ويكفرون تسوية خلق الرحمان، ويدعون لأنفسهم أفعال الله، فيقولون: فعلنا وصنعنا، وأحسنا وعاقبنا، كلمة نمرودية أن أتاهم الله ما لم يشعروا باختصاص الله تعالى فيه بأمره، كالذي "حاج إبراهيم في ربه أن أتاه الله الملك" حين "قال: أنا أحيي وأميت". وهذه هي المجوسية الصرف والقدرية المحضة، التي لايصح دين الإسلام معها، لأن المسلم من أسلم الخلق