درجاتهم ورتب تفاضلهم، مما لا يمكنهم البلوغ إلى كنهه، لقصورهم وعجزهم، فتولى الله الوكيل على كل شيء الإنباء عنهم بما كان يجب عليهم، مما لا يبلغ إليه وسع خلقه، وجعل تلاوتهم لما أنبأ به على ألسنتهم نازلا لهم منزلة أن لو كان ذلك النطق ظاهراً منهم؛ لطفا بهم، وإتماما للنعمة عليهم، لأنه، تعالى، لو وكلهم في ذلك إلى أنفسهم لم يأتوا بشيء تصلح به أحوالهم في دينهم ودنياهم، ولذلك لا يستطيعون شكر هذه النعمة إلا أن يتولى هو تعالى بما يلقنهم من كلامه، مما يكون أداء لحق فضله عليهم بذلك، وإذا كانوا لا يستطيعون الإنباء عن أنفسهم بما يجب عليهم من حق ربهم، فكيف بما يكون نبأ عن تحميد الله وتمجيده، فإذا ليس لهم وصلة إلا تلاوة كلامه العلي بفهم كان ذلك أو بغير فهم، وتلك هي صلاتهم المقسمة التي [عبر] عنها فيما صح عنه عليه الصلاة والسلام من قوله تعالى: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين"، ثم تلا هذه السورة. فجاءت الآيات الأولى الثلاث الأول بحمد الله تعالى نفسه، فإذا تلاها العبد قبل الله


الصفحة التالية
Icon