تشتمل على أمر الملك القيم، على حرفي الأمر والنهي، اللذين يبدو أمرهما في يوم الدين، والآية الرابعة تشتمل على حرفي المحكم، في قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ والمتشابه في قوله: ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.
ولما كانت نبأ خطاب محاضرة لم تردد مسألتهما في السورة، فانفرد هذان الحرفان عن الدعاء فيهما، وعادت مسألة الآبه الخامسة على حرف الحمد، ومسألة الآية السادسة على آية النعمة من حرفي الحلال والحرام، ومسألة الآية السابعة على آية الملك من حرفي الأمر والنهي، فجمعت الفاتحة جوامع الحروف السبعة، وكما ابتدأت الفاتحة بالسابع الجامع الموهوب، ابتدئ القرآن بالحرف السادس المعجوز عنه، وهو حرف المتشابه، لأن إظهار العجز ومحض الإيمان كانت الهبة والتأييد، وليكون العبد يفتتح القرآن بالإيمان بغيب متشابهه في قوله: ﴿الم﴾ فيكون أتم انقيادا لما دونه، وبريئا من الدعوى في مستطاعه في سائر الحروف.
ثم ولى السادس المفتتح به القرآن الخامس المحكم من وجه، في قوله تعالى: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ لأن من عمل بها من قلبه شعبة إيمان وعلم، كانت له من المحكم، ومن عمل بها ائتمارا وإلجاء، ولم يدخل الإيمان في قلبه، كانت له حرف أمر. ﴿وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا﴾.
وهذا إنما وقع ترتيبه هكذا في القرآن المتلو، وأما تنزيله في ترتيب البيان فإن أول ما أنزل على النبي، - ﷺ -، هو من حرف المحكم، وهو قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ الآيات الخمس.
وأول ما أنزل إلى الأمة في ترتيل البيان هو من حرف الزجر والنهي، وهو قوله