يَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ومما يعلمه - سبحانه - عن ما في الأرحام مسألة الذكر
والأنثى. وكما قلت: كتاب واحد للعوام والخواص، من هنا قصر العوام فهمهم للآية الكريمة على فهم واحد. " الذكر والأنثى " وقد أصابوا. ولم يخطئوا، ولكنَّ استقراءهم ناقص. لا يعاب صاحبه. فذلك مبلغنا من العلم. فالله يَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ذكراً أم أنثى.
يتم خلقه أو لا يتم. وهو السقط. متى يدفع به الرحم. ومتى تنتهي حياته. شقي أم سعيد. متى ينتقل من الدنيا إلى الآخرة، وماذا سيترك في الدنيا من آثار يكتبها الله. (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) - سورة يس.
أين سيذهب كلّ ساعة حتى يقدر له الأوكسجين والغذاء والماء (وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا) سورة فصلت ".
مشيناها خطًا كتبت علينا... ومن كتبت عليه خطًا مشاها.
وأرزاق لنا متفرقات... من لم تأته منَّا أتاها
ومن كانت منيته بأرض... فليس يموت في أرض سواها.
وقد جاء هذا في نفس الآية الكريمة: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) ٣٤ سورة لقمان".
فعلم ما في الأرحام حتى في تصوّر أصحاب الاستقراء الناقص علم لا يحيط
به البشر. فإذا استطاع علم البشر أن يعرف شيئا من ألف شيء فهو علم مسبوق بعدم وجهل. والله يكشف لخلقه بعض علمه تفضلا منه. وكل كشف علمي كان قبل أن يعرفه العلماء في علم غيب الله - وحده. (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ) (آية الكرسي سورة البقرة) فمجموع الكشوفات العلمية يساوي مجموع ما سمح الله لعباده أن يعرفوه مما كان غيبا. ومجموع ما نجهله من الكون ملايين ما نعلم. فسبحان من أحاط
بكل شيء علماً. فهو يتصدَّق على عباده بما يعلمون.