ليس في الجانب الآخر منه شيء كقوله تعالى: " أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا " [الفرقان: ٢٤] وكم مثله في كلام البلغاء (وَاتَّقوا الله إِنْ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) فيجازيكم به (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغفرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) مستأنفة مبنية لثاني مفعولي وعد أو وعد واقع على تلك الجملة كأنه قال: وعدهم هذا القول (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) فلا ينفكون عنها (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكرُوا نعْمَتَ اللهِ عَلَيْكمْ إِذْ هَمَّ) متعلق بنعمة الله (قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ): بَالقتل (فكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ) رد مضرتها عنكم (وَاتَّقوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكلِ الْمُؤْمِنونَ) فمن توكل عليه كفاه اللهُ أربه، نزلت لما أراد قوم من العرب أن يكبوا على رسول الله وأصحابه ﷺ إذا اشتغلوا بصلاة العصر، فأخبرهم جبريل وجاء بصلاة الخوف. أو في قوم من اليهود صنعوا طعامًا ليقتلوهم فأوحى الله إليه بشأنهم. أو في بني النضير حين أرادوا أن يلقوا على رأسه عليه الصلاة والسلام الرحا إذا جلس تحت الجدار فأطلعه على كيدهم، أو في قوم أرسلوا أعرابيًا لقصده فجاءه وهو ﷺ راقد تحت شجرة فسل سيف رسول الله ﷺ فقال من يمنعك مني؟ فقال: اللهُ فأسقطه جبريل من يده وأخذه الرسول - صلى الله عليه وسلم.
* * *
(وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ