(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) أي: جميعه غير خائف من شيء (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ): ولم تبلغ جميعه وكتمت آية منه (فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ): وما أديت شيئًا منها كمن أضاع ركن صلاة، أو فكأنك ما بلغت شيئًا منها، فإن كتمان البعض والكل سواء في الشناعة (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) أي: أنا ناصرك وحافظ روحك فلا تخف أحدًا وكان رسول الله ﷺ يحرس من قبل ذلك، فلما نزلت تلك الآية تركت الحراسة ويجاهد الأعداء بعيب دينهم وسب آلهتهم بلا خوف. قيل: المائدة آخر ما نزل من القرآن فلا يشكل بشج رأسه الأشرف صلى الله عليه وسلم، أو المراد حفظ روحه (إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ) أي: بلغ إليهم رسالتك والله الهادي وليس عليك هداهم قيل معناه: لا يمكنهم مما يريدون بك من الهلاك. قيل: الأمر بتبليغ كل ما قصد منه اطلاع الناس فإن من الأسرار ما يحرم إفشاؤه (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ) أي: دين يصح أن يسمى شيئًا (حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) أي: تؤمنوا بجميع الكتب وتصدقوها ولا تكتموا شيئًا منها فمن إقامتها الإيمان بمحمد - ﷺ - (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا) كرره ليتعقب عليه قوله: (فَلَا تَأْسَ): لا تحزن (عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ) لزيادة طغيانهم وكفرهم، فإنهم الأشقياء وضرر كفرهم لا يلحق لغيرهم (إِنَّ الذَينَ آمَنُوا): باللسان كالمنافقين أو المراد منه المسلمون (وَالذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ) مرفوع بالابتداء وخبره محذوف


الصفحة التالية
Icon