كأنه لم ير خيرًا، (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ) كغنى بعد فقر، (لَيَقولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي) ما بقي ينالني بعد هذا ضيم ولا سوء، (إِنَّهُ لَفَرِحٌ) بما في يده مغتر، (فَخُورٌ) على الناس مشغول عن الشكر، (إِلا الذِينَ صَبَروا) على الضراء استثناء منقطع إن حمل الإنسان على الكافر وإلا فمتصل، (وَعَمِلوا الصَّالِحَاتِِ) في السراء والضراء، (أُوْلَئِكَ لَهم مَّغفِرَةٌ) لم عاصيهم، (وَأَجْرٌ كَبير) كالجنة، (فَلَعَلَّك تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ) تترك تبليغ بعض القرآن وهو ما فيه سب آلهتهم وطعن دينهم مخافة سخريتهم وسبهم وزيادة انهماكهم في الكفر عصمه الله تعالى عن الخيانة في الوحي ونبهه، (وَضَائِقٌ) الضائق بمعنى الضيق، إلا أن الضائق يكون لضيق عارض غير لازم كزيد سيد وعمرو سائد، (بِهِ) بأن تتلوه عليهم، (صَدْرُكَ) مخافة، (أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) كما قالوا ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا﴾ [الفرقان: ٧، ٨] قال بعضهم: ضمير به مبهم يفسره أن يقولوا، (إِنَّمَا أَنتَ نَذيرٌ) ما عليك إلا الإنذار فما بالك يضيق صدرك، (وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) موكول إلى الله تعالى لا إليك أمر الكل، (أَمْ يَقولونَ) أم منقطعة، (افْتَرَاهُ) الضمير لما يوحى، (قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ) أي: يكون كل واحد مثل القرآن في البلاغة والغرض إلزامهم، والدليل على أنه معجز من عند الله والعجز عن الإتيان بمثل الكل والبعض أعم من أن يكون عشر سور أو سورة واحدة دليل عليهم مع أن سورة البقرة متأخرة في النزول عن هود، والأصح أن يونس أيضًا متأخرة فتحداهم أولاً بعشر سور ثم عجزوا فتحداهم بسورة واحدة، (مفتَرَيَاتٍ) من عند أنفسكم مع أن ممارستكم للقصص والأشعار أكثر