وفيهم مَن يستغفر كالمومنين الذين كانوا بمكة، وما استطاعوا الهجرة أو لما أمسوا ندموا على قولهم: اللهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ، فقالوا: غفرانك غفرانك، فنزلت، أو المراد من استغفارهم أنه في علم الله تعالى أن بعضهم يؤمنون، فالمعنى يمهلهم، لأن فيهم من يستغفر بعد ذلك، وقد ورد: " أنزل على أمانين لأمتي: " وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ " الآية فإذا مضيت تركت فيكم الاستغفار "، قيل: هذا دعوتهم إلى الإسلام والاستغفار، أي: استغفروا لا أعذبكم كما تقول: لا أعاقبك وأنت تطيعني، أي: أطعني لا أعاقبك، وقيل معناه: وفي أصلابهم من يستغفر (وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) قال بعضهم: قوله: " وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ " نزل بمكة، فلما خرج عليه الصلاة والسلام إلى المدينة نزل: (وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)، أي: من بقى من المؤمنين في مكة، فلما خرجوا أنزل الله تعالى " وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ " والتعذيب فتح مكة، أو القتل يوم بدر، أو الجوع والضر، وقال بعضهم: قوله " وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ " الآية منسوخة بقوله: " وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ " وهذا عند من قال المراد بالاستغفار: صدور الاستغفار منهم نفسهم، كما ذكرنا غفرانك غفرانك (وَهُمْ يَصُدُّونَ): يمنعون المؤمنين (عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) كعام الحديبية وإخراج رسول الله - ﷺ (وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ) مستحقين ولاية أمر المسجد الحرام، فإنهم يقولون: نحن أولياء الحرم نفعل فيه ما نريد (إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ):