أحال علمه إلى الله فكأنه قال: لا أعلم حالهم (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا): كالمهد، (وَسَلَكَ): حصل (لَكُمْ فِيهَا سُبُلا): تسلكونها (وَأَنزَلَ مِنَ السمَاءِ ماءً) أي: المطر (فَأَخْرَجنا بِهِ) قيل: تم كلام موسى وهذا من كلام الله، وقيل: من تمام كلام موسى لكن عدل إلى التكلم على الحكاية لكلام الله تنبيهًا على ظهور ما فيه من الدلالة على كمال قدرته، وإيذانًا بأنه مطاع تذعن الأجناس المتفاوتة لمشيئته، ويمكن أن يكون كلام موسى، فأخرج بصيغة الغيبة لكن لما حكى الله قوله حكاه لفظًا بلفظ حتى انتهى إلى قوله: " فأخرجنا " غير الأسلوب إلى التكلم تنبيهًا على عظم قدره، وأنه أمر لا يدخل تحت قدرة غيره (أَزْوَاجًا): أصنافًا (مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى)؛ مفترقات جمع شتيت والنبات مصدر سمي به النابت فاستوى فيه الواحد والجمع فلهذا جاز وصفه بـ شَتَّى التي هي جمع وقيل شيء صفة أزواجًا (كُلُوا) أي: فأخرجنا قائلين كلوا (وَارْعَوْا أَنعَامَكُمْ) أي كلوا أنتم من النبات وأسرحوا أنعامكم فيها (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى) ذوي العقول الناهية عن القبائح.
* * *
(مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (٥٥) وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (٥٦) قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ