من غلب، (قَالُوا يَا مُوسَى)، بعدما جمعوا كيدهم وأتوا، (إِمَّا أَن تُلْقِيَ): عصاك أولاً، (وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى)، ما بعد أن منصوب بمحذوف أي: اختر إلقاءك أو إلقاءنا أو مرفوع أي: الأمر إلقاؤك أو إلقاؤنا. (قَالَ بَلْ أَلْقُوا)، قيل: لما علم ميلهم إلى البدء أمرهم به وليشعر علية تغيير نظمهم عن إما أن تلقي إلى أو أن نكون أول من ألقى (فَإِذَا حِبَالُهُمْ)، إذا للمفاجأة أي: فألقوا فإذا حبالهم (وَعِصِيُّهُمْ)، جمع عصى (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى)، وتحريكها ما كان إلا بحيلة وحاصل الكلام فألقوا ففاجأ موسى تخيله وقت تخيل سعى حبالهم وعصيهم من سحرهم ومن قرأ تخيل بالتاء فقوله: أنها تسعى بدل اشتمال من ضميره الراجع إلى الحبال والعصي قيل لطخوا بالزئبق فلما ضربت عليهما الشمس اضطربت. (فَأَوْجَسَ): أضمر (فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى): من أن يلتبس الأمر على القوم فلا يتبعونه وقيل من: طبع البشرية ظن أنها تقصده (قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى)، وهذا مشعر ومؤيد للوجه الأول، وإلا فالمناسب أن يقال لا تخف إنك آمن (وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ) لم يقل عصاك تحقيرًا لها أي العويدة التي في يدك ولا تبال بعصيهم (تَلْقَفْ) تبتلع جواب الأمر وقراءة تلقف بالرفع أي: تتلقف فبالحال أو الاستئناف. (ما صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا) أي: إن الذي زوروا (كَيْدُ سَاحِرٍ)، وحد الساحر لأن المراد به الجنس، وقراءة سِحْرٍ كعِلْمُ فِقْهٍ بأن الإضافة للبيان أو جعل الساحر سحر للمبالغة (وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيثُ أَتَى): حيث كان (فأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا)


الصفحة التالية
Icon