قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (١٢٧) أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (١٢٨)
* * *
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا) أي: اذكر حاله في ذلك الوقت حتى تعلم أنه ترك المأمور ولم يَكن ذَا عَزم، (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى)، مستأنفة أي: أظهر الإباء واستكبر (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا) يعني: كونا على وجه لا يؤثر فيكما غوايته (مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى): فتتعب في طلب رزقك، فإنك هاهنا في عيش رغيد بلا كلفة، وأسند الشقاءَ إليه وحده لأن طلب الرزق على الرجل، (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا)، من قرأ أنك بالفتح فهو عطف على أن لا تجوع قال أبو البقاء: تقع أن المفتوحة معمولة للمكسورة لما فصل بينهما، نحو: إن عندنا أن زيدًا منطلق، وعلى أي حال جاز في المعطوف عليه ما لا يجوز في المعطوف (وَلَا تَضْحَى): لا تصيبك الشمس وأذاها (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ) أي: شجرة من أكل منها صَار مخلدًا لا يموت (وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى): لا يزول، (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا) أي: أخذا يلزقان على سوآتهما للتسَتر (مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) عن ابن عباس ذَاك ورق التين، (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ): بأن خالف أمره، (فَغَوَى): أخطأ طريق الحق، ولم ينل مراده، ويجوز أن يقال " وعصى آدم " ولا يجوز أن يقال آدم عاصٍ لأنه لا يقال عاص إلا لمن اعتاد العصيان كما لا يقال من خاط ثوبه مرة خيَّاط (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ): اصطفاه، (فَتَابَ عَلَيْهِ): قبل توبته (وَهَدَى): هداه إلى الثبات على التوبة (قَالَ) الله: (اهْبِطَا


الصفحة التالية
Icon