وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (٥٣) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (٥٤) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (٥٥) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٥٦) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (٥٧) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (٥٨) الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (٥٩) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (٦٠)
* * *
(أَلَمْ تَرَ)،: تنظر، (إِلَى ربِّكَ)،: إلى صنعه، (كيْفَ مَدَّ الظّل)، وهو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس جعله ممدودًا؛ لأنه ظل لا شمس معه، قال تعالى: " وظل ممدود " [الواقعة: ٣٠]؛ (وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا)،: ثابتاً دائمًا لا يزيله الشمس، (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا)، فإنه لو لم تكن لما عرف الظل، فإن الأشياء تعرف بأضدادها، أو جعلنا مستتبعة عليه تتلوه، وتتبعه كما يستتبع الدليل المدلول وثم لبيان أن هذا أعظم من الأول، (ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا)، أزلنا الظل قبضًا على مهل أو سهلاً أو سريعًا بأن أوقعنا موقعه الشمس، وفيه من المنافع ما لا تحصى والقبض في مقابلة المد، وثم هنا أيضًا لبيان أن الثالث أعظم من الأولين،


الصفحة التالية
Icon